فانّ ظاهرهما وجوب الأذان والإقامة معاً ، إما مطلقاً أو في خصوص صلاتي المغرب والغداة ، بل ظاهر الثانية وجوب الفصل أيضاً ، وقد خرجنا في الأذان وفي الفصل بما دل على جواز الترك ، فيحمل الأمر فيهما على الاستحباب وتبقى الإقامة على ظاهر الوجوب ، ولا مانع من التفكيك ولا يضر بوحدة السياق ، بناءً على المختار من استفادة الوجوب والندب من حكم العقل المنتزع من الاقتران بالترخيص في الترك وعدمه ، وقد اقترن أحدهما به دون الآخر فيعمل في كل مورد بموجبه.
ثانيهما : صحيحة زرارة الواردة في القضاء عن أبي جعفر عليهالسلام في حديث « قال : إذا كان عليك قضاء صلوات فابدأ بأوّلهنّ فأذّن لها وأقم ثم صلّها ، ثم صلّ ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة » (١). فإنه إذا وجبت الإقامة لصلاة القضاء كما هو ظاهر الصحيحة ففي الأداء بطريق أولى.
ولم أر من استدل بها في المقام مع أنّها أولى من كل دليل وأحسن من جميع الوجوه المتقدمة ، فإنّ ظهورها في الوجوب ممّا لا مساغ لإنكاره بوجه ، فليتأمل.
وعليه فما ذكره غير واحد من قصور المقتضي وعدم نهوض دليل لإثبات الوجوب موهون بما سمعته من الوجهين لا سيما الأخير منهما ، فالمقتضي تام والدعوى الأُولى ثابتة. فلا بد إذن من النظر في :
الدعوى الثانية : أعني وجود المانع عن الالتزام بالوجوب ، وقد استدل لها بوجوه :
أحدها : النصوص الكثيرة (٢) وقد تقدم بعضها (٣) المتضمنة أنّ من صلى مع الأذان والإقامة صلى خلفه صفّان من الملائكة ، ومن صلى مع الإقامة
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٤٤٦ / أبواب الأذان والإقامة ب ٣٧ ح ١.
(٢) الوسائل ٥ : ٣٨١ / أبواب الأذان والإقامة ب ٤.
(٣) في ص ٢٢٦.