الخامس والعشرون : على القبر (١).
______________________________________________________
وهو كما ترى ، إذ قلّما يوجد مكان فيما بين القبور لا يكون القبر قبلة للمصلي ، فيلزم حمل المطلق على الفرد النادر. فلا مناص من التعميم مع تأكد الكراهة في هذه الصورة كما عرفت. إلا أن يراد من اتخاذ القبر قبلة استقبالها بدلاً عن الكعبة المشرّفة كما قد يفعله بعض الجهلة بالنسبة إلى قبور الأئمة ، فتتجه الحرمة في هذه الصورة.
هذا مضافاً إلى أنّ ثبوت البأس المستفاد من مفهوم الصحيحة أعم من أن يكون على سبيل الكراهة أو الحرمة. وكيف ما كان فالجمع المزبور ضعيف.
وأضعف منه تقييد الأُوليين بالأخيرة لينتج اختصاص الجواز بما إذا كان البعد من كل جانب عشرة أذرع ، إذ لازم ذلك ابتعاد كل قبر عن غيره عشرين ذراعاً على الأقل بحيث يكون أحدهما أجنبياً عن الآخر. ومن البيّن أنّ افتراض ذلك في المقابر العامة والمواضع المتخذة مقبرة للموتى كوادي السلام ونحوه التي هي المنصرف من نصوص المقام من البعد والندرة بمكان ، فكيف يمكن حمل المطلقات على هذا الفرد النادر الذي يكاد لا يصدق على مثله عنوان الصلاة بين القبور ، ومن ثم احتمل بعضهم أن يكون الاستثناء في الموثقة من قبيل المنقطع.
وكيف ما كان فالحمل المزبور كسابقه أبعد بكثير مما صنعه المشهور من حمل الموثقة على الكراهة كما لا يخفى.
(١) من الواضح أنّ الموضوع لهذا الحكم هو عنوان الصلاة على القبر بوضع المساجد عليه وإن كان منفرداً ولم يكن معه قبر آخر ويستدل له بجملة من الأخبار كحديث النوفلي « قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الأرض كلها مسجد إلا الحمام والقبر » (١).
__________________
(١) الوسائل ٥ : ١٦٠ / أبواب مكان المصلي ب ٢٥ ح ٧.