وأمّا الأذان الإعلامي فالظاهر عدم جواز تقديمه أيضاً ، لما عرفت من أنّ المقصود به الإخبار عن دخول الوقت ، فكيف يسوغ قبله ، والنصوص أيضاً قد نطقت بأن السنّة في النداء أن يكون مع الفجر ففي صحيحة ابن سنان « ... وأمّا السنّة فإنّه ينادى مع طلوع الفجر ... » إلخ ، وفي صحيحته الأُخرى : « ... وأمّا السنة مع الفجر » (١) حيث يظهر منهما أنّ المشروع من الأذان للإعلام الذي جرت عليه السنة إنّما هو عند طلوع الفجر ، فقبله غير مشروع بهذا العنوان. نعم يجوز الإتيان حينئذ للإيذان بقرب الوقت لينتفع به الجيران فيتهيؤوا للعبادة كما أُشير إليه في هاتين الصحيحتين.
ويستفاد مشروعية هذا القسم من الأذان من نصوص أُخر أيضاً :
ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : كان بلال يؤذّن للنبي صلىاللهعليهوآله وابن أُمّ مكتوم وكان أعمى يؤذّن بليل ويؤذّن بلال حين يطلع الفجر » (٢).
وفي موثقة زرارة عن أبي عبد الله عليهالسلام « إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : هذا ابن أمّ مكتوم وهو يؤذّن بليل ، فإذا أذّن بلال فعند ذلك فأمسك ، يعني في الصوم » (٣) ونحوهما غيرهما ، وإن لم يكن نقي السند.
ويظهر منها أنّ كلا المؤذّنين كانا موظفين من قبله صلىاللهعليهوآله أحدهما للتهيؤ ، والآخر للاعلام. إذن فأمره صلىاللهعليهوآله بالأكل لدى أذان ابن أُمّ مكتوم لم يكن لأجل أنّه رجل أعمى يؤذّن من قبل نفسه ، فإنّ المؤذّن الأعمى يسأل طبعاً ولا يخطأ دائماً وإلا لمنعه صلىاللهعليهوآله كي لا يوقع الناس في الاشتباه ، بل لأجل أنّه كان منصوباً للتهيؤ كما يكشف عنه الاستمرار المستفاد من الأخبار على وجود كلا المؤذّنين ، لا أنّه كان من باب الصدفة والاتفاق.
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٣٩٠ / أبواب الأذان والإقامة ب ٨ ح ٧ ، ٨.
(٢) ، (٣) الوسائل ٥ : ٣٨٩ / أبواب الأذان والإقامة ب ٨ ح ٣ ، ٤.