جواز تركها اختياراً ، فكيف يجب قطع الفريضة لدرك ما لا يجب الإتيان به من الأوّل ، فوجوب القطع كاشف قطعي عن وجوب الإقامة.
وفي كلا الوجهين ما لا يخفى.
أمّا الأوّل : فلابتنائه على أن يكون المقام من باب التزاحم وليس كذلك ، وإنّما هو من باب التعارض ، وتخصيص دليل حرمة القطع بغير الناسي ، ولا بدع ، إذ الحرمة لم تكن عقلية لتأبى عن التخصيص ، وإنّما هي شرعية وليس هو فيها بعزيز ، وقد ثبت جواز القطع في موارد عديدة كحفظ المال ونحوه. هذا على المشهور من حرمة القطع ، وإلا فالأمر ظاهر.
وأمّا الثاني : فلتوقفه على الالتزام بوجوب القطع ، ولا وجه له ، لمعارضة الصحيحة المتقدمة في موردها بصحيحة زرارة قال : « سألت أبا جعفر عليهالسلام عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة ، قال : فليمض في صلاته فإنّما الأذان سنّة » (١) فغايته جواز القطع لدرك فضيلة الإقامة ، وهو لا يكشف عن الوجوب بوجه كما هو واضح.
والمتحصّل من جميع ما قدمناه لحد الآن : أنّ النصوص المتقدمة بمختلف طوائفها لا يمكن الاستدلال بشيء منها على وجوب الإقامة.
نعم يمكن أن يستدل له بوجهين آخرين :
أحدهما : ما ورد في صلاتي المغرب والغداة كموثقة سماعة قال : « قال أبو عبد الله عليهالسلام : لا تصلّ الغداة والمغرب إلا بأذان وإقامة ، ورخّص في سائر الصلوات بالإقامة ، والأذان أفضل » (٢). وكذا ما ورد في مطلق الصلوات كموثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : إذا قمت إلى صلاة فريضة فأذّن وأقم وافصل بين الأذان والإقامة بقعود أو بكلام أو بتسبيح » (٣)
__________________
(١) الوسائل ٥ : ٤٣٤ / أبواب الأذان والإقامة ب ٢٩ ح ١.
(٢) الوسائل ٥ : ٣٨٧ / أبواب الأذان والإقامة ب ٦ ح ٥.
(٣) الوسائل ٥ : ٣٩٧ / أبواب الأذان والإقامة ب ١١ ح ٤.