وذروا ما رأوا » وأوّل من صدرت عنه هذه الدعوى على الظاهر هو شيخنا الأنصاري قدسسره حيث نقل في أول صفحة من مبحث الجماعة رواية مرسلة في طريقها علي بن فضال ، وحكم بصحتها لما ذكر (١) ، وتبعه فيها جمع ممن تأخر عنه.
وفيه أوّلاً : أنّ الرواية في نفسها ضعيفة السند ، فإنها مروية عن عبد الله الكوفي خادم الشيخ حسين بن روح ، « قال : سئل الشيخ يعني أبا القاسم عن كتب ابن أبي العزاقر أي الشلمغاني بعد ما ذمّ وخرجت فيه اللعنة ، فقيل له : فكيف نعمل بكتبه وبيوتنا منها ملاء؟ فقال : أقول فيها ما قال أبو محمد الحسن ابن علي عليهالسلام وقد سئل عن كتب بني فضال فقالوا : كيف نعمل بكتبهم وبيوتنا منها ملاء؟ فقال عليهالسلام : خذوا منها بما رووا وذروا ما رأوا » (٢) وعبد الله الكوفي مهمل في كتب الرجال.
وثانياً : مع الغض عن السند فغاية ما تقتضيه الرواية توثيق بني فضال بأنفسهم وأنّ انحراف عقيدتهم لا يضرّ بوثاقتهم كما كانوا عليه حال استقامتهم من الأخذ برواياتهم ، ومن الظاهر أنّ هذا لا يقتضي تصحيح كل خبر كانوا في طريقه حتى لو رووه مرسلاً عن مجهول بحيث يكونون أعظم شأناً من مثل زرارة ومحمد بن مسلم وأضرابهما من الثقات الذين لا يعمل بمراسيلهم حتى نفس بني فضال حال استقامتهم ، إذ لا يحتمل أن يكون انحرافهم موجباً لارتفاع شأنهم عن حال الاستقامة حتى يقتضي الأخذ بمراسيلهم.
وبالجملة : فلا ينبغي التشكيك في ضعف سند الخبر وعدم اعتباره.
__________________
(١) لم نعثر عليه في مبحث الجماعة وإنمّا وجدناه في مبحث المواقيت أول كتاب الصلاة ١ : ٣٦.
(٢) الغيبة : ٣٨٩ / ٣٥٥ ، الوسائل ٢٧ : ١٠٢ / أبواب صفات القاضي ب ٨ ح ٧٩.