الثامن : التجوز بلفظ النهي عن أشياء ليست مرادة بالنهي وانما المراد بها ما يقاربها أو يلازمها ، أو تكون مسببة عنه ، وهو في القرآن العظيم كثير. فمن ذلك قوله تعالى : ( وَذَرُوا الْبَيْعَ ) نهى عن البيع في اللفظ وهو مباح وأراد ما يلزم عنه من ترك الواجب. ومنه قوله تعالى : ( وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ) النهي عن الموت نفسه لا يصح ، لأنه ينافي التكليف ، لكنه تجوز به عما يقارنه من الكفر فكأنه قال ولا تكفروا عند موتكم. ومنه قولهم : لا أرينّك هاهنا معناه لا تحضرن فأراك فتجوز برؤيته عن سببها وهو الحضور. ومنه نهيه صلّى الله عليه وسلّم عن البيع على بيع الأخ ، ليس النهي عن نفس البيع ، لأنه مجتمع بشرائط الصحة إنما النهي عن أذية الأخ المقترنة بالبيع. ومنه النهي عن الخطبة على خبطة الأخ ليس النهي عن الخطبة نفسها ، وإنما النهي عما يلزمها من تأذي الخاطب.
التاسع : التجوز بالنهي لمن لا يصح نهيه والمراد به من يصح نهيه وهو في القرآن كثير. فمنه قوله تعالى : ( وَلا تَعْدُ عَيْناكَ عَنْهُمْ ) النهي في اللفظ للعينين والمراد بذلك ذو العينين أي لا تنظر إلى غيرهم. ومنه : ( لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ) النهي في اللفظ للأموال والأولاد وفي المعنى لذوي الأموال والأولاد. ومنه : ( لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ ) النهي في اللفظ للتقلب والمراد به النهي عن الاغترار بالتقلب. ومنه قوله : ( فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا ) النهي في اللفظ للحياة الدنيا والمراد به نهي المخاطبين عن الاغترار بها. ومنه قوله تعالى : ( فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ ) النهي في اللفظ للأموال والأولاد وفي المعنى نهي المخاطبين عن الاعجاب بهما. ومنه قوله تعالى : ( وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ ) النهي للرأفة في اللفظ وللمخاطبين في المعنى. ومنه قوله تعالى : ( وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً ) النهي لضمير الفتنة في اللفظ