وحشرناهم ـ ماضيا بعد ـ نسيّر. وترى ـ وهما مستقبلان للدلالة على أن حشرهم قبل التسيير والبروز ليعاينوا تلك الاهوال كأنه قال وحشرناهم قبل ذلك وهو في القرآن العظيم كثير.
قال الشيخ الامام عز الدين بن عبد السلام في كتابه المعروف بالمجاز أكثر ما يكون هذا في الشروط وأجوبتها وقد يجيء في غيرها.مثاله في غير الشرط قوله تعالى : ( وَإِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللهِ ) ومنه ( وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ ) ومنه ( وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ ) ومنه ( وَنادَوْا يا مالِكُ ) ومنه : ( وَقالَ قَرِينُهُ هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ ) ومنه : ( وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ ). ومنه : ( إِنَّا أَعْتَدْنا لِلظَّالِمِينَ ناراً ). ومنه : ( وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا ) وأمثاله في القرآن كثير ( وأما ) مثاله في الشرط فقوله تعالى : ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا ) معناه وإن تكونوا في ريب. ومنه : ( فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ) معناه وإن تتوبوا فهو خير لكم. ومنه : ( فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ ) معناه فإن تك في شك. ومنه : ( إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا ) معناه إن تكونوا مؤمنين بالله فعليه توكلوا ( وأما ) في جواب الشرط فقوله تعالى : ( الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ ). ومنه : ( وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا ) معناه وإن تعودوا الى قتال محمد عدنا الى نصره والشرط لا يكون إلا مستقبلا ، والمرتب على المستقبل مستقبل لا محالة ، وهذا من مجاز التشبيه شبه المستقبل في الحقيقة وثبوته بالماضي الذي دخل في الوجود بحيث لا يمكن رفعه.
الثاني : التعبير بالمستقبل عن الماضي وهو في القرآن العظيم كثير. من ذلك قوله تعالى : ( وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ ). ومنه : ( فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ ) معناه وفريقا قتلتم ..
ويجوز أن يكون القول في هاتين الآيتين حكاية حال ماضية مثله في قوله