القسم الخامس والعشرون
الانتقال من فن إلى فن. ويسمى التخلص. والكلام عليه من وجوه
الاول : في
حقيقته. الثاني : في شرطه. الثالث : في الفرق بينه وبين الاقتضاب. الرابع : في
المعنى الذي جيء به من أجله. الخامس : في ذكر من هو أحق باستعماله.
أما الاول : فقال
علماء علم البيان التخلص هو أن يأخذ المؤلف في معنى من المعاني فبينما هو فيه اذ
أخذ في معنى آخر غيره ، وجعل الأول سببا اليه فيكون بعضه آخذا برقاب بعض من غير أن
يقطع المؤلف كلامه ويستأنف كلاما آخر ، بل يكون جميع كلامه كأنما أفرغ إفراغا.
وأما الثاني : فمن
شرطه أن يكون انتقاله من فن إلى فن ببديع وحسن رصف ووجازة لفظ ورشاقة معنى ليكون
الذي انتقل إليه أقرب إلى القلب وأعلق بالنفس من المعنى الذي انتقل عنه.
وأما الثالث :
فالفرق بينه وبين الاقتضاب أن التخلص لا يكون إلا لعلاقة بينه وبين ما تخلص منه. وأما
الاقتضاب فليس شرطه أن يكون بينه وبين ما قبله علاقة ، بل يكون كلاما مستأنفا
منقطعا عن الاول.
وأما الرابع :
فالمعنى الذي جيء به من أجله شيئان : أحدهما معرفة حذق المتكلم ، وقوة ملكته في
التلعب بالكلام ، وتصرفه فيه