التباين بين ذاتي المعنى الحرفي والمعنى الاسمي ، وليست الذات واحدة والاختلاف في مجرد اللحاظ. وتوضيحه يتم ضمن اربع نقاط :
١ ـ انا حينما نسمع جملة « سار زيد من البصرة الى الكوفة » مثلا نجد ان المعنى المستفاد منها معنى مترابط يرتبط بعضه ببعض وليس فيه تفكيك كالتفكيك الذي نشعر به حينما نسمع هذه الكلمات ـ سير ، بصرة كوفة ـ بدون ضم كلمتي « من والى ».
٢ ـ ما دمنا نشعر بالترابط بين اجزاء الجملة المذكورة فلا بد من اشتمالها على معاني وظيفتها الربط والنسبة بين السير والبصرة والكوفة.
٣ ـ ان المعاني الرابطة بين السير والبصرة والكوفة لا بد وان يكون الربط لها ذاتيا لا عارضيا ، اي لا بد وان تكون تلك المعاني عين الربط ونفسه لا شيئا لها الربط ، اذ لو كانت اشياء اخرى غير الربط وكان الربط عارضا عليها ـ كما في الغرفة المنيرة فانها ليست عين النور وانما هي شيء له النور ـ لكان من اللازم الانتهاء في النهاية الى معان يكون الربط لها ذاتيا اي تكون عين الربط ، اذ لو لم ننته الى ذلك يلزم التسلسل كما في الغرفة المنيرة فان نورها لما كان عارضا عليها احتيج الى شيء آخر تكتسب منه النور ، وذلك الشيء ان لم يكن نوره ذاتيا احتيج الى شيء ثالث وهكذا حتى ينتهى الى شىء يكون النور له ذاتيا ـ اي يكون عين النور ـ كى لا يلزم التسلسل ، ومن هنا قيل : كل ما بالعرض لا بد من انتهائه الى ما بالذات.
والخلاصة : ان جملة « سرت من البصرة الى الكوفة » لا بد وان تحتوى على معان تكون عين الربط دفعا للتسلسل وحفاظا على قاعدة « كل ما بالعرض لا بد من انتهائه الى ما بالذات ».