انا لو لا حظنا هذا المثال لوجدنا ان قانون مقدمات الحكمة وان كان عرفيا لا يحتاج الى دقة الاصولي الا ان تطبيقه في المثال يحتاج الى ذلك فانه موقوف على التعرّف على حقيقة الوجوب التخييري والغيري وانه وجوب مقيد بما اذا لم يؤت بالعدل وبما اذا كان وجوب ذي المقدمة ثابتا بخلاف الوجوب التعييني والنفسي فانه مطلق ، ان التعرف على حقيقة الوجوب الغيري والتخييري لا يمكن بدون الاستعانة بتدقيقات الاصولي.
٢ ـ ان يفرض ان لفظا معينا ظاهر في معنى معيّن ولا يشك في ظهوره فيه وانما يشك في منشأ الظهور اهو الوضع او مقدمات الحكمة؟ فقد يحتاج احد الاحتمالين الى اعمال الاصولي دقته ، مثال ذلك اسم الجنس كلفظ رقبة فانه ظاهر في الاطلاق جزما ولكن وقع النزاع في منشأ الظهور الاطلاقي فهل هو الوضع بمعنى ان كلمة رقبة موضوعة لطبيعة الرقبة مع قيد الاطلاق بحيث يكون الاطلاق مدلولا وضعيا كما هو رأي الاعلام قبل سلطان العلماء (١) او هو ناشىء من مقدمات الحكمة بمعنى ان كلمة رقبة موضوعة لذات الرقبة من دون قيد الاطلاق وانما يثبت بواسطة مقدمات الحكمة كما هو الرأي السائد من زمان سلطان العلماء الى يومنا هذا ، وبناء عليه يكون الاطلاق مدلولا حكميا (٢).
ويأتي دور الاصولي لاثبات احد الاحتمالين عن طريق تجميع بعض
__________________
(١) وبناء على ذلك لا يحتاج اثبات الاطلاق الى اعمال مقدمات الحكمة اذ الاطلاق يثبت بنفس الوضع ويترتب على ذلك ايضا كون الاستعمال في مواضع التقييد مجازا ، فكلمة رقبة في قولنا اعتق رقبة مؤمنة يكون مجازا لانها لم تستعمل في تمام المعنى الموضوع له وهو الطبيعة بقيد الاطلاق.
(٢) وبناء عليه يكون الاستعمال في موارد التقييد حقيقة اذ تبقى كلمة الرقبة مستعملة في ذات الرقبة وقيد الايمان مستفاد من دال آخر وهو لفظ مؤمنة.