ولكن الكلّ قاصرة عن إفادة الحرمة ، لمكان الجملة الخبريّة أو المحتملة لها ، أو ما يحتمل أن يكون المفهوم فيه انتفاء الإباحة بالمعنى الأخصّ ، فالمناط فيها الإجماع ، إلاّ أن يجعل الإجماع قرينة على إرادة الحرمة ، وهو كذلك ، فتكون تلك الأخبار أيضا مثبتة للحرمة.
نعم ، ينحصر دليل الأخير في الإجماع.
ولا دلالة في شيء من الأخبار على تحريم المخيط مطلقا ، كما اعترف به جماعة ـ منهم الشهيد في الدروس (١) ـ وعلى هذا ، فاللازم فيه الاقتصار على موضع علم فيه الإجماع.
فالمنع عن مسمّى الخياطة وإن قلّت ـ كما اشتهر بين المتأخّرين ـ غير جيّد وإن كان أحوط.
واستفادة ذلك عن المنع عن لبس المزرّر بإطلاقه في بعض تلك الأخبار ، حيث إنّ خياطة الأزرار قليلة البتّة.
مردودة باحتمال أن يكون المنع لنفس الأزرار لا لخياطتها ، مع أنّ المنع عن المزرّر أيضا وإن كان مطلقا في بعض الأخبار ، إلاّ أنّه صرّح في صحيحتي الحلبي (٢) ويعقوب بن شعيب (٣) بأنّ المنع إنّما هو في عقد الأزرار دون وجودها.
ومنه يستفاد عدم المنع في مطلق الخياطة ، لأنّه مقتضى الأصل ، وعموم صحيحة زرارة : عمّا يكره للمحرم أن يلبسه ، فقال : « يلبس كلّ
__________________
(١) الدروس ١ : ٤٨٥.
(٢) الكافي ٤ : ٣٤٠ ـ ٨ ، الفقيه ٢ : ٢١٧ ـ ٩٩٥ ، وفي العلل ٢ : ٤٠٨ ـ ١ عن عبيد الله بن علي الجعفي ، الوسائل ١٢ : ٤٧٥ أبواب تروك الإحرام ب ٣٦ ح ٣.
(٣) الكافي ٤ : ٣٤٠ ـ ٧ ، الوسائل ١٢ : ٤٧٥ أبواب تروك الإحرام ب ٣٦ ح ٢.