وتدلّ عليه صحيحة ابن عمّار : « أصبح على طهر بعد ما تصلّي الفجر ، فقف إن شئت قريبا من الجبل وإن شئت حيث تبيت ، فإذا وقفت فاحمد الله عزّ وجلّ » إلى أن قال : « ثمَّ أفض حين يشرق لك ثبير (١) وترى الإبل مواضع أخفافها » (٢).
ومرسلة جميل : « لا بأس أن يفيض الرجل بليل إذا كان خائفا » (٣) ، دلّت بالمفهوم على ثبوت البأس مع عدم الخوف.
خلافا للمحكيّ عن الدروس ، فجعل الوقت الاختياريّ ليلة النحر إلى طلوع الشمس (٤) ، ونسبه بعضهم إلى ظاهر الأكثر (٥) ، نظرا إلى حكمهم بجبر الإفاضة قبل الفجر بدم شاة فقط وبصحّة الحجّ لو أفاض قبله.
وفيه : أنّ الجبر بالدم لو لم يكن قرينة على تحريم الإفاضة لم يشعر بجوازها ولو لم يذكر غيره ، بل هو بنفسه كاف في الإشعار بعدم الجواز عند الأكثر ، وصحّة الحجّ مع الإفاضة لا تنافي الإثم ، مع أنّ في الصحّة كلاما يأتي.
ويشبه أن يكون النزاع لفظيّا ، فيكون مراد من جعل ما بين الطلوعين خاصّة الوقت الاختياريّ ما يحرم ترك الوقوف فيه ، ومن ضمّ معه قبل الفجر أراد ما يوجب تركه عمدا بطلان الحجّ.
__________________
(١) ثبير : جبل بين مكّة ومنى ويرى من منى وهو على يمين الداخل منها إلى مكّة ـ المصباح المنير : ٨٠.
(٢) في الكافي ٤ : ٤٦٩ ـ ٤ والوسائل ١٤ : ٢٠ أبواب الوقوف بالمشعر ب ١١ ح ١ بتفاوت يسير ، التهذيب ٥ : ١٩١ ـ ٦٣٥.
(٣) الكافي ٤ : ٤٧٤ ـ ٣ ، التهذيب ٥ : ١٩٤ ـ ٦٤٥ ، الاستبصار ٢ : ٢٥٧ ـ ٩٠٥ ، الوسائل ١٤ : ٢٨ أبواب الوقوف بالمشعر ب ١٧ ح ١.
(٤) الدروس ١ : ٤٢٤.
(٥) كما في الرياض ١ : ٣٨٧.