وأمّا الثاني : فلموثقة أبي بصير : « لا تقع بين السجدتين إقعاء » (١).
وصحيحة محمّد ، وابن عمّار ، والحلبي : « لا تقع في الصلاة بين السجدتين كإقعاء الكلب » (٢).
والإقعاء في الاولى ، وإن كان محتملا للمعنيين ، إلاّ أنّ التقييد بإقعاء الكلب في الثانية يعيّنه فيما ذكر ، بل مقتضى أصالة حمل اللفظ على المعنى اللغوي حتى يثبت النقل أو التجوّز دليل مستقل على وجوب حملهما عليه ، وإنّما يصار إلى كراهة الأوّل لا لأنّه إقعاء ، كما عرفت.
ثمَّ إنّ أكثر روايات المعنى الأوّل مخصوص بالتشهّد ، كما أنّ ما مرّ من روايتي الثاني مخصوصتان بما بين السجدتين.
إلاّ أنّ فتوى الأصحاب بالإطلاق ، ودعوى الشيخ الإجماع في الأوّل (٣) ، بل إطلاق الصحيحة الأولى يثبت تعميمه في مطلق جلوس الصلاة (٤). وكون ما نقل عن الصحيحة عقيب بيان جلوس التشهّد غير مفيد للتخصيص ، وإن كان جريان العلّة المذكورة فيه في التشهّد أظهر ، لأنّ الذكر فيه أكثر ، فيكون موردا للتساوي.
كما أنّ حديث زرارة المروي في مستطرفات السرائر : « لا بأس بالإقعاء فيما بين السجدتين ، ولا ينبغي الإقعاء في موضع التشهّدين ، إنّما التشهّد في الجلوس وليس المقعي بجالس » (٥) يثبت كراهة الثاني في التشهد أيضا.
ولا يضرّ البأس المنفي فيها في كراهته فيما بين السجدتين ، لأنّ نفي البأس
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٣٦ الصلاة ب ٢٩ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٠١ ـ ١٢١٣ ، الوسائل ٦ : ٣٤٨ أبواب السجود ب ٦ ح ١.
(٢) التهذيب ٢ : ٨٣ ـ ٣٠٦ ، الاستبصار ١ : ٣٢٨ ـ ١٢٢٧ ، الوسائل ٦ : ٣٤٨ أبواب السجود ب ٦ ح ٢ ، وفيه : « قالوا : لا تقع ... ».
(٣) الخلاف ١ : ٣٦١.
(٤) راجع ص ٣٠٣ صحيحة زرارة.
(٥) مستطرفات السرائر : ٧٣ ـ ٩ ، الوسائل ٦ : ٣٩١ أبواب التشهد ب ١ ح ١.