مع عدم إسماعه وإن اشترط إسماع نفسه بدليل آخر.
ويضعّف الأوّل : بعدم حجيّة الإجماع المنقول ، مع أنّه لا يتعين أن يكون على معنى الجهر والإخفات ، بل يمكن أن يكون المراد الإجماع على أنّ أقلّ ما يجهر به إسماع الغير وإن كان الجهر غير الإسماع ، يعني لا يكفي في الجهر مجرده بل يجب إسماع الغير أيضا ، كما أنّه لا يكفي في الإخفات مطلق الإخفاء بل يجب إسماع نفسه.
والثاني : بأنّ تفسير الجهر والإخفات بما ذكر معارض بتفسيرهما في الكتابين أيضا برفع الصوت وجعله عاليا ، والإخفات بالإسكان ، وأنّ المتبادر من الإعلان والكتمان العرفيان ، ولا يتحقق الأول بمجرد إسماع القريب كيف كان ولو مع همس الصوت ، كما لا ينافي الثاني ذلك أيضا ، ولو سلّم فلا شك في استلزام إسماع النفس لإسماع الغير إذا قرّب اذنه الفم بقدر اذن المتكلّم أو أقرب منه.
وإرادة إسماع الغير في بعض الأوضاع في الجهر وعدمه كذلك في الإخفات تجوّز خارج عن متابعة اللغة.
وبالجملة : مطلق الإعلان والكتمان غير مراد ، ونوع خاص منهما خروج عن متابعة اللغة ، مع عدم دليل عليه.
ودليل الآخرين وجوب الرجوع إلى العرف في تعيين معاني الألفاظ ، لأنّه المحكّم فيما لم يرد فيه توقيف. ولا ريب أنّ إسماع الغير لا يسمّى جهرا ما لم يتضمن صوتا ، وما لم يتضمن الصوت يسمّى إخفاتا وإن أسمعه الغير. وتقديم اللغة على العرف ممنوع سيّما مع التعارض.
مع أنّه روي في العيون أنّ أحمد بن علي صحب الرّضا عليهالسلام فكان يسمع ما يقوله في الأخراوين من التسبيحات (١).
ويضعّف الأول : بأن الرجوع إلى العرف في تعيين معنى اللفظ إنما هو إذا
__________________
(١) عيون أخبار الرضا ٢ : ١٧٨ ـ ٥ ، الوسائل ٦ : ١١٠ أبواب القراءة ب ٤٢ ح ٨.