وحيث إنّ من الواضح ـ كما حقّق وبرهن عليه في محلّه (١) ـ هو انتفاء الترتّب والعلية بين الأمرين ، وكونهما في عرض واحد يستند أحدهما إلى وجود علّته والآخر إلى انتفائها حتّى مع اشتمال كلّ منهما على المقتضي في حدّ نفسه (٢) ـ كما في مفروض المقام (٣) ـ ، فإنّ غاية ما يقتضيه (٤) امتناع تأثير كلّ منهما في ملاكيّة الحكم على حسب ما يقتضيه ـ لمكان المضادّة ـ إنّما هي خروج الأضعف منهما عن صلاحيّته لذلك بأقوائيّة الآخر ، لا بوجود ما
__________________
(١) من مبحث اقتضاء الأمر بالشيء النهي عن ضده ، وقد تقدّم بعض الكلام هنا في الأمر الثالث.
(٢) فضلا عمّا إذا لم يشتمل الضد المنتفي على المقتضي ، فيستند انتفاؤه حينئذ إلى عدم مقتضيه ، كما يستند وجود الآخر إلى وجود علّته التامّة ، أما إذا اشتمل كلّ منهما على المقتضي في حدّ نفسه فهو ما سيتعرّض قدسسره لحكمه.
(٣) لاشتمال كلّ من الحرمة والوجوب بالنسبة إلى الحصّة المحرّمة على الملاك المقتضي له في حدّ نفسه وإن امتنع تأثيرهما جميعا.
(٤) محصّله : أنّه لمّا كان تأثير كلّ من المقتضيين ـ في مفروض المقام ونحوه ـ في ملاكيّته للحكم ـ كلّ فيما يقتضيه ـ ممتنعا ، لمكان المضادّة بين مقتضييهما ، فلا محالة يختصّ التأثير بالأقوى منهما ، ويسقط الأضعف عن صلاحيّة التأثير بأقوائيّة الآخر ، لا بوجود مقتضاه ـ أي الآخر ـ نفسه ، إذن فالمانع عن تأثير الأضعف في مقتضاه هو وجود الأقوى ، فإليه يستند عدم ما يقتضيه الأضعف لا إلى وجود ما يقتضيه الأقوى ـ كما حرّر في محلّه.