إلى باب المناقضة الموجبة لعدم جواز الارتفاع ـ تارة ـ ، وإلى باب الملكة والعدم الصالح لذلك ـ اخرى ـ ، وكان الفارق بين البابين ـ بعد اشتراكهما جميعا في عدم الواسطة بين المتقابلين ـ هو تغاير الانقسام إليهما ، ولحوقه في أحدهما لأيّ ماهيّة ـ ولو فرضيّة محضة ـ ، وفي الآخر بعد شأنيّة وصلاحيّة زائدة ، فاختصاص المناقضة بالمحموليين ، ورجوع التقابل بين الربطيّين إلى الثاني أوضح من أن يخفى.
ولو قيل بتقرّر الماهيّات في الأزل (١) من جهة تعلّق العلم الأزليّ بها ، أو غير ذلك ـ كما هو مرجع القول بالأعيان الثابتة ـ كان حال الموضوع ـ حينئذ ـ باعتبار تقرّره السابق أيضا مشكوكا ـ لا محالة ـ ، ولم يكن لتوهّم الحالة السابقة مجال ، وسقط هذا البحث
__________________
وقد ظهر ممّا سلف أنّ الوجود والعدم المحموليّين يعدّان من المتناقضين ـ كالقيام وعدم القيام ومخالفة الكتاب وعدمها ـ ، وأمّا الربطيّان فيندرجان في العدم والملكة ـ ككون زيد قائما وعدمه ومخالفة الشرط للكتاب وعدمها ـ ، والمحلّ القابل لهما هو الموضوع الموجود ، فينتفيان معا عند انتفائه.
(١) محصّله : أنه لا مجال لاستصحاب العدم النعتيّ حتى لو قيل بالأعيان الثابتة ، وأنّ للماهيّات الممكنة المعدومة نحو تقرّر وثبوت في الأزل ـ كما عن المعتزلة زعما منهم أنه المصحّح لتعلّق علمه ( تعالى الأزليّ بها ـ ، بل ولو قيل بكفاية هذا النحو من التحقّق لموضوع المستصحب في صحّة استصحابه ، فإنّ موضوع النعت العدميّ ـ كالشرط ـ المفروض تقرّره سابقا لا يعلم حاله أنّه منعوت بعدم المخالفة ـ مثلا ـ أو بوجودها ، وأيّا منهما كان فهو منعوت به أزلا ، ولا يتصوّر له حالة سابقة متيقنة لتستصحب.