وقد بناه بعضهم (١) على دعوى كون الألفاظ موضوعة للمعاني المعلومة أو منصرفة إليها (٢) ، لكن لم يظهر ممّن ادّعاه أنّ المدار على علم المتكلّم أو المخاطب (٣) ، وبأيّ عناية يمكنه أن يعتبر فيه علم الثالث الذي يلزمه العمل بمراد المتكلم (٤). وكيف كان فهذه الدعوى ممّا لا يليق بأن يلتفت إليها أصلا (٥).
وكذا دعوى قصور (٦) الأدلّة ـ بعدم ورودها في مقام البيان ـ
__________________
لانتفاء موضوع المانعية واقعا ، ومقتضاه أن لا يؤثّر فيه انكشاف عدم المأكولية إلاّ التبدّل من حينه ـ كما مرّ في أوائل الكتاب.
(١) أي بنى كون المانعيّة علميّة على الدعوى المذكورة ، ويظهر ذلك من الوحيد قدسسره في تعليقته على المدارك (٢٤٣) ، إذ صرّح بأن اللفظ اسم لما هو في نفس الأمر حرام من غير تقييد بالعلم وعدمه ، كما وترشيد إليه عبارة الغنائم الآتية.
(٢) فيكون معنى ما لا يؤكل لحمه ـ وضعا أو انصرافا ـ ( ما علم أنّه لا يؤكل لحمه ) ، فتصبح المانعيّة علميّة لا واقعيّة.
(٣) بل أو التفصيل بينهما فيكون المدار على علم المتكلم في الجمل الخبرية ، وعلى علم المخاطب المكلّف بالعمل في الجمل الطلبية.
(٤) كما هو الشأن في الأحكام الشرعية المجعولة على نحو القضايا الحقيقية ، فإنها واجبة العمل على كلّ مكلف وإن لم يكن مخاطبا ، وهذا كلّه شاهد على ضعف الدعوى في نفسها.
(٥) إذ هي دعوى لا بيّنة عليها ولا برهان من عقل أو نقل أو لغة أو عرف ، ومعذورية الجاهل بالحكم أو بموضوعه أمر آخر لا ربط له بمعاني الألفاظ وظواهرها ، ومقتضى
القاعدة وضعها لذوات المعاني بما هي.
(٦) يعني أن هذه الدعوى ـ كسابقتها ـ لا تليق بالالتفات ، ومحصّلها إنكار ثبوت الإطلاق لأدلة الباب لتشمل صورة الجهل.