الثابتة لهارون من موسى سوى النبوة ثابتة لعلي من النبي ...
وجوابها : إن الحديث إن كان غير صحيح ـ كما يقوله الآمدي ـ فظاهر ، وإنْ كان صحيحاً ـ كما يقوله أئمة الحديث ، والمعوّل في ذلك ليس إلاّعليهم ، كيف وهو في الصحيحين ـ فهو من قبيل الآحاد ، وهم لا يرونه حجةً في الإمامة ، وعلى التنزيل فلا عموم له في المنازل ، بل المراد ما دلّ عليه ظاهر الحديث : إنّ عليّاً خليفة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم مدة غيبة بتبوك ، كما كان هارون خليفةً عن موسى في قومه مدة غيبته عنهم للمناجاة ...
فعلم ممّا تقرّر أنه ليس المراد من الحديث ، مع كونه آحاداً لا يقاوم الإجماع ، إلاّ إثبات بعض المنازل الكائنة لهارون من موسى ، والحديث وسببه سيلق يبنيان ذلك البعض ، لما مرَّ أنّه إنما قاله لعلي حين استخلفه ، فقال علي كما في الصحيح : أتخلّفني في النساء والصبيان. كأنه استنقص تركه وراءه ، فقال له : ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى. يعني : حيث استخلفه عند توجّهه إلى الطور ، إذ قال له : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ ).
وأيضاً ، فاستخلافه على المدينة لا يستلزم أولويته بالخلافة بعده من كلّ معاصريه افتراضاً ولا ندباً ، بل كونه أهلاً لها في الجملة وبه نقول.
وقد استخلف صلّى الله عليه وسلّم في مرارٍ أخرى غير علي ، كابن ام مكتوم ، ولم يلزم فيه بسبب ذلك أنه أولى بالخلافة بعده » (٢).
هذه عبارة ( الصواعق ) فأين الذي ادّعاه صاحب ( المرافض ) وأحال إليه؟ بل لقد كرّر التّصريح باستخلاف أمير المؤمنين عليهالسلام على المدينة.
وكذا صاحب ( فصل الخطاب ) ... وقد تقدمت عبارته آنفاً.
وصاحب ( حبيب السّير ) وإنْ عبّر في أوّل كلامه بالإستخلاف في « الأهل
__________________
(١) الصواعق المحرقة : ٧٣ ـ ٧٤.