غدوت على ابن عباس لأتنجّز ما وعدني من حديث الفتون. فقال :
تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله عزّوجل وعد إبراهيم عليهالسلام من أنْ يجعل في ذريّته أنبياء وملوكاً ... فلما جاوز البحر قال أصحاب موسى : إنا لمدركون ، إنا نخاف أنْ لا يكون فرعون غرق ، ولا نأمن هلاكه ، فدعا ربّه ، فأخرجه له ببدنه من البحر حتى استيقنوا ، ثم مرّوا بعد ذلك على قومٍ يعكفون على أصنام لهم. قالوا : يا موسى اجعل لنا إلهاً كما لهم آلهة. قال : إنكم قوم تجهلون ، إن هؤلاء متبرّ ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون. قد رأيتم من العِبَر ما يكفيكم وسمعتم ، بهِ فمضى حتّى أنزلهم منزلاً ، ثم قال لهم : أطيعوا هارون ، فإني قد استخلفته عليكم وإني ذاهب إلى ربي ، وأجّلهم ثلاثين يوماً أنْ يرجع إليهم فيها ... » (١).
وقال السيوطي : « أخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : ( وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ ) ... خلف موسى أصحابه واستخلف عليهم هارون ... » (٢).
وتلخّص : إن خلافة هارون عن موسى في حال حياته لا ينكرها إلاّ معاند مغرور ، فقد أثبتها الائمّة الأعلام من السّابقين واللاّحقين ـ مضافاً إلى الرازي في ( تفسيره ) ـ ومنهم :
محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني
وعبد بن حميد
__________________
(١) الدر المنثور ٥ / ٥٦٩ و ٥٧٦. والآية في سورة طه : ٤٠.
(٢) الدر المنثور ٣ / ٥٣٥. والآية في سورة الأعراف : ١٤٢.