خلافة هارون عن موسى ـ بزعم التنافي بينها وبين رسالته لو بقي حيّاً من بعده ـ سقط الحمل المزعوم ، وبسقوطه لا يبقى أيّ معنى لحديث المنزلة.
فهل يلتزم ( الدهلوي ) بلغويّة كلام النبي الذي ( ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى * إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى )؟
إنّ خلافة هارون عن موسى ثابتة بالنص الصريح من كتاب الله سبحانه وتعالى ، الكتاب الذي ( لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) ...
قال الله عزوجل : ( وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ ) (١).
فموسى يستخلف هارون ، و ( الدهلوي ) يقول : « لا نسلّم ، لمنافاة الخلافة للنبوة »!!
ولو أنّ مشكّكاً سوّلت له نفسه تحريف هذا النصّ الصريح من القرآن الكريم على استخلاف هارون ، بتأويل سخيفٍ وتوجيه غير وجيه ، لكان مردوداً باتّفاق المفسّرين على الإستخلاف ، وصراحة كلماتهم في ذلك بلا خلاف ، وإليك نصوص عبارات بعضهم في تفسير الآية :
* أبو الليث السمرقندي : « ( وَقالَ مُوسى لِأَخِيهِ هارُونَ ) يعني : قال له قبل انطلاقه إلى الجبل : ( اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي ) يعني : كن خليفتي على قومي ( وَأَصْلَحَ ) يعني : مرهم بالصّلاح ويقال : وأصلح بينهم ( وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ ، الآية ١٤٢.