قدرتك وسلطانك ، فأصبح القوم وقد يبس شجرهم كلّها ، فهالهم (١) ذلك ، وقطع بهم ، وصاروا فريقين : فرقة قالت : يبّس شجر (٢) آلهتكم هذاالرجل ، الذي يزعم أنّه رسول ربّ السماء والأرض إليكم؛ ليصرف وجوهكم عن آلهتكم إلى إلهه ، وفرقة قالت : لا بل غضبت آلهتكم حين رأت هذا الرجل يعيبها ويقع فيها ويدعوكم إلى عبادة غيرها ، فحجبت حسنها وبهاءها لكي تغضبوا لها فتنتصروا منه ، فاجتمع رأيهم على قتله ، فاتّخذوا أنابيب طوالاً من رصاص واسعة الأفواه ، ثمّ أرسلوها في قرارالعين إلى أعلى الماء واحدة فوق الاُخرى مثل البرابخ (٣) ، ونزحوا ما فيهامن الماء ، ثمّ حفروا في قرارها من الأرض بئراً عميقة ضيقة المدخل ، وأرسلوا فيها نبيّهم وألقموا فاها صخرة عظيمة ، ثمّ أخرجوا الأنابيب من الماء وقالوا : نرجو الآن أن ترضى عنّا آلهتنا إذا رأت إنّا قد قتلنا من كان يوقع (٤) فيها ، ويصدّ عن عبادتها ، ودفنّاه تحت كبيرها؛ ليشتفي منه فيعودلنا نورها ونضرتها كما كان ، فبقوا عامّة يومهم يسمعون أنين نبيّهم عليهالسلام وهو يقول : سيّدي ، قد ترى ضيق مكاني ، وشدّة كربتي ، فارحم ضعف ركني ، وقلّة حيلتي ، وعجّل بقبض روحي ، ولا تؤخّر إجابة دعائي حتّى مات عليهالسلام ، فقال الله تبارك وتعالى لجبرئيل عليهالسلام : يا جبرئيل ، اُنظرإلى (٥) عبادي هؤلاء الذين غرّهم حلمي ، وأمنوا مكري ، وعبدوا غيري ، وقتلوا رسلي ، أن يقوموا
__________________
(١) في «ن ، ش» : فهابهم.
(٢) في المطبوع : سحر ، وما أثبتناه من النسخ.
(٣) البربخ : منفذ الماء ، ومجراه ، وهو الإردبَّة والبالولة. القاموس المحيط ١ : ٣٥٤.
(٤) في «ج» والبحار والعيون : «يقع».
(٥) في المطبوع والبحار : أيظن ، بدل : اُنظر إلى ، وما أثبتناه من النسخ والعيون وتفسيرالثعلبي .