الأعجم دون الحيوان الناطق ، وجعل الحيوان الناطق أفضل من (١) الأعجم ، وجعل الحيوان الجاهل الناطق دون الحيوان العالم الناطق ، وجعل الحيوان العالم الناطق المحجوج دون الحيوان العالم الحجّة ، ويجب على هذا الترتيب أنّ (٢) المعرب المبيّن أفضل من الأعجم غير الفصيح ، ويكون المأمور المزجورمع تمام الشهوات وما فيهم من طباع حبّ اللّذّات ، ومنع النفس من الطلبات والبغيات ، ومع البلوى بعدوّ ، ويمهل ويمتحن بمعصيته إيّاه وهو يزيّنها له محسناً بوسوسته في قلبه وعينه أفضل من المأمور المزجور مع فقدآلة الشهوات وعدم معاداة هذا المتوصّل له بتزيين المعاصي والوسوسة إليه ، ثمّ هذا الجنس نوعان : حجّة ومحجوج ، والحجّة أفضل من المحجوج ولم يحجج آدم الذي هو أصل البشر بواحد من الملائكة تفضيلاً من الله عزوجل إيّاه عليهم وحجج جماهير الملائكة بآدم عليهالسلام فجعله العالم بما لم يعلموا ، وخصّه بالتعليم؛ ليبيّن لهم أنّ المخصوص بما خصّه بـه ممّا لـم يخصّهم أفضل مـن غيـر المخصوص بما لم يخصّه به. وهذا الترتيب حكمة الله عزوجل ، فمن ذهب يروم إفسادها ظهر منه عناد من مذهبه ، وإلحاد في طلبه ، فانتهى الفضل إلى محمّد صلىاللهعليهوآله ؛ لأنّـه ورث آدم وجميع الأنبياء عليهالسلام ، ولأنّه اصطفاه الـذي ذكره الله عزوجل فقال : ( إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ) (٣) ، فمحمّد (٤) : الصفوة والخالص ، نجيب
__________________
(١) في البحار زيادة : الحيوان.
(٢) في «ش» : أن يكون.
(٣) سورة آل عمران ٣ : ٣٣.
(٤) في النسخ : محمّد. وما أثبتناه من البحار.