قال : «لنعمة أنعم الله عليه بها في الدنيا فأدّى شكرها ، وكان في ذلك الزمان لا يحجب إبليس دون العرش ، فلمّا صعد أداء شكر نعمة أيّوب حسده إبليس ، فقال : يا ربّ ، إنّ أيّوب لم يؤدّ إليك شكر هذه النعمة إلاّ بما أعطيته من الدنيا ، ولو حرمته دنياه ما أدّى إليك شكر نعمة أبداً ، قال : فقيل له : إنّي قد سلّطتك على ماله و ولده ، قال : فانحدر إبليس فلم يُبق له مالاً ولا ولداً إلاّ أعطبه ، فلمّا رأى إبليس أنّه لا يصل إلى شيء من أمره ، قال : يا ربّ ، إنّ أيّوب يعلم أنّك ستردّ عليه دنياه التي أخذتها منه فسلِّطني على بدنه ، قال : فقيل له : إنّي قد سلّطتك على بدنه ما خلا قلبه ولسانه وعينيه وسمعه (١) ، قال : فانحدر إبليس مستعجلاً مخافة أن تدركه رحمة الربِّ عزوجل فتحول بينه وبين أيّوب ، فلمّا اشتدّ به البلاء وكان في آخر بليّته جاءه أصحابه ( فقالواله ) (٢) : يا أيّوب ، ما نعلم أحداً ابتلي بمثل هذه البليّة إلاّ لسريرة سوء (٣) ، فعلّك أسررت سوءاً في الذي تبدي لنا.
قال : فعند ذلك ناجى أيّوب ربّه عزوجل ، فقال : ربِّ ابتليتني بهذه البليّة وأنت تعلم أنّه لم يعرض لي أمران قطّ إلاّ ألزمت (٤) أخشنهما على بدني ولم آكل أكلة قطّ إلاّ وعلى خواني يتيم ، فلو أنّ لي منك مقعد الخصم لأدليت بحجّتي ، قال : فعرضت (٥) له سحابة فنطق فيها ناطق فقال : ياأيّوب ، أدل بحجّتك .
__________________
(١) (وسمعه) لم ترد في «ن ، ش».
(٢) ما بين القوسين لم يرد في «ح ، س ، ن ، ش ، ع» ، وما أثبتناه من البحار و«ج».
(٣) في «ح ، س ، ن ، ل ، ع» : سر ، وفي «ش ، ج» : شر ، وفي حاشية «ج ، ش» عن نسخة كما في المتن والبحار.
(٤) في المطبوع و«ع ، س ، ن» : لزمت ، وما أثبتناه من «ح ، ش» والبحار.
(٥) في «ع ، س ، ح ، ن» : تعرضت.