تقول للنار : هذا لي ، وهذا لك» (١) وعليه فالرضا عليهالسلام لا يرى المأمون في التشيع حتّى على مستوى أبي الصلت الهروي فما حدّثه بما حدّث به هذا. هذا ، اللهم إلّا أن يقال إنّه كان يتدرج في المعرفة بهم عليهمالسلام.
ومن تدرّجه ما أخرجه المفيد : أنّ المأمون سأل الرضا عليهالسلام يوماً عن أكبر فضل لعلي عليهالسلام مما دلّ عليه القرآن الكريم ، فقال عليهالسلام : فضيلته في المباهلة ثمّ تلا آية المباهلة ثمّ قال : فدعا رسول الله صلىاللهعليهوآله الحسن والحسين ابنيه ودعا فاطمة عليهاالسلام فكانت في هذا الموضع «نساءنا» ودعا أمير المؤمنين عليهالسلام فكان نفسه بحكم الله عزوجل! وقد ثبت أنّه ليس أحد من خلق الله سبحانه أجلّ من رسول الله وأفضل ، فوجب أن لا يكون أحد أفضل من نفس رسول الله (علي) بحكم الله عزوجل.
فقال المأمون : أليس قد ذكر الله الأبناء بلفظ الجمع وإنّما دعا رسول الله ابنيه خاصة ، وذكر النساء بلفظ الجمع وإنّما دعا رسول الله ابنته وحدها ، فلمَ لا يجوز أن يذكر الدعاء لمن هو نفسه ، ويكون المراد نفسه في الحقيقة دون غيره؟! فلا يكون لأمير المؤمنين عليهالسلام ما ذكرت من الفضل!
فقال الرضا عليهالسلام : يا أمير المؤمنين! ما ذكرت ليس بصحيح ؛ وذلك أن الداعي إنّما يكون داعياً لغيره كما يكون الآمر آمراً لغيره ، ولا يصح أن يكون داعياً لنفسه في الحقيقة ، كما لا يكون آمراً لها في الحقيقة ، وإذا لم يدعُ رسول الله رجلاً في المباهلة إلّاأمير المؤمنين عليهالسلام فقد ثبت أنّه نفسه التي عناها الله تعالى في كتابه وجعل حكمه ذلك في تنزيله.
فقال المأمون : إذا ورد الجواب سقط السؤال (٢).
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٨٦ ، الحديث ٣٠.
(٢) الفصول المختارة من العيون والمحاسن : ٣٨.