فكان الحكم فيه : رفع السيف والكف عنهم. أمّا أهل صفين فهم كانوا يرجعون إلى فئة مستعدة وإمام منتصب يجمع لهم السلاح ويستعدلهم ويُسنى لهم العطاء ويهيّئ لهم الأموال ، ويعقب مريضهم ويجبر كسيرهم ويداوي جريحهم ويحمل راجلهم ويكسو حاسرهم ويردّهم يرجعون إلى محاربتهم وقتالهم. فالحكم في أهل صفين أن يُتّبع مدبرهم ويجهز على جريحهم ، فلا يساوي في الحكم بين الفريقين.
ولولا أمير المؤمنين وحكمه في أهل الجمل وصفّين لما عُرف الحكم في عُصاة أهل التوحيد!
وأمّا الرجل الذي أقرّ باللواط ، فإنّه أقرّ متبرعاً من نفسه بذلك ولم تقم عليه بيّنة ولا أخذه سلطان ، وإذ كان للإمام الذي من الله أن يعاقب في الله فله أن يعفو في الله ، أما سمعت الله يقول لسليمان (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ (١)) حتّى أنّه بدأ بالمنّ قبل المنع.
وأمّا الرجل الناظر إلى الراعي وقد نزا على شاة ؛ فإن عرفها ذبحها وأحرقها ، وإن لم يعرفها قسمها الإمام نصفين وساهم بينهما (بالقرعة) ثمّ يفرّق السهم الذي وقع عليه السهم نصفين ويقرع بينهما ، ولا يزال كذلك حتّى تبقى اثنتان فيقرع بينهما فأيتهما وقع السهم عليها ذُبحت واحرقت ، وقد نجا سائرهما.
وأمّا قول علي عليهالسلام في الخُنثى فهو كما قال يرث من المبال ؛ ينظر إليه قوم عدول يأخذ كل واحد منهم مرآة ويقوم الخنثى عرياناً وراءهم وهم ينظرون إلى المرآة فيرون الشيء ويحكمون به.
فلمّا أتمّ الإمام عليهالسلام كلامه في الإجابة عن عويصات ابن أكثم ، إملاءً على ابن السكّيت ، حمله ابن السكّيت إلى ابن الأكثم وقرأها ابن الأكثم على المتوكل ؛
__________________
(١) سورة ص : ٣٩.