وقال ابن الوردي :
في سنة (٢١٨ ه) كتب المأمون إلى عامله ببغداد : إسحاق بن إبراهيم الخزاعي (مولاهم)
أنّ من أقرّ من القضاة والعلماء أنّ القرآن مخلوق خلِّ سبيله ، ومن أبى فيعلمه به.
فجمعهم ومنهم :
قاضي القضاة بشر بن الوليد الكندي ، وأحمد بن حنبل الشيباني ، وعلي بن الجعد
ومقاتل وقتيبة وغيرهم ، وقال لبشر وكاتبه يكتب ذلك : ما تقول في القرآن؟ قال : هو
كلام الله ، قال : أمخلوق هو؟ قال : الله خالق كل شيء. قال : والقرآن شيء؟ قال :
نعم. قال : فهو مخلوق؟ قال : ليس بخالق! قال : فهو مخلوق؟ قال : لا احسن غير ما
قلت لك!
ثمّ قال لأحمد بن
حنبل : ما تقول في القرآن؟ قال : كلام الله ، قال : أمخلوق هو؟ قال : كلام الله ،
ما أزيد عليها! فقال له : فما معنى قوله : «سميع بصير»؟ قال : كما وصف نفسه! قال :
فما معناه؟ قال : لا أدري! هو كما وصف نفسه!
ثمّ سأل قتيبة
وعبيد الله بن محمد ، وعبد المنعم بن إدريس ، وجماعة ، فأجابوا : إنّ القرآن مجعول
؛ لقوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنَاهُ
قُرْآناً عَرَبِيّاً ) والقرآن محدَث ؛ لقوله : (مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ
ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ ) فقال الوالي : المجعول مخلوق؟ قالوا : لا نقول مخلوق! لكن
مجعول! فكتب مقالتهم ومقالة غيرهم إلى المأمون.
فورد جواب المأمون
إلى الوالي إسحاق بن إبراهيم الخزاعي : أن يحضر قاضي القضاة بشر بن الوليد
وإبراهيم بن المهدي (؟) فإن قالا بخلق القرآن وإلّا تُضرب أعناقهما! ومن لم يقل
سواهما بخلق القرآن يوثّقه بالحديد ويحمله إلى المأمون!
__________________