٣١ ـ (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ) أي خزانها (إِلَّا مَلائِكَةً) غلاظا شدادا (وَما جَعَلْنا
عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) ذكر سبحانه أن الزبانية ١٩ اختبارا للناس ، فالكافرون
سخروا والمؤمنون صدقوا وأهل الكتاب أيقنوا كما قال سبحانه : (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ) اعتقد النصارى واليهود بما جاء في القرآن من هذا العدد
لأنه موافق لما في كتبهم (وَيَزْدادَ الَّذِينَ
آمَنُوا إِيماناً) على إيمانهم بعد اعتراف الأعداد بفضل القرآن وصدقه (وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) هذا توضيح وتوكيد لما قبله (وَلِيَقُولَ
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) وهم المنافقون الذين يمشون الخفاء ويدبون الضراء (وَالْكافِرُونَ) عتاة الشرك والبغي الذين سخروا من العدد : (ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً)؟ أبدا لا حكمة من ذكر العدد! علما بأن الحكمة واضحة وهي أن
يقولوا : لا حكمة ... كي يظهروا على حقيقتهم ، ويفتضحوا بشهادة أهل البيت أن العدد
حق وصدق (كَذلِكَ يُضِلُّ
اللهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) بموجب علمه وحكمته وعدله ، وتقدم في الآية ٨ من فاطر
وغيرها (وَما يَعْلَمُ
جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) جنوده تعالى لا تنحصر بالتسعة عشر ولا بغيرهم فكل الخلائق
طوع إرادته (وَما هِيَ) النار أو هذه الآيات (إِلَّا ذِكْرى
لِلْبَشَرِ) تذكرة وعظة للناس.
٣٢ ـ ٣٥ ـ (كَلَّا وَالْقَمَرِ وَاللَّيْلِ إِذْ
أَدْبَرَ وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ) كلا : حرف ردع وزجر وأسفر : أشرق ، وضمير «إنها» بعد ان
ردع سبحانه المشركين عن الاستهزاء بالنار وخزنتها ، أقسم بالقمر لما فيه من منافع
، وبالليل الذي يخلد الإنسان فيه للراحة ، وبالصبح الذي ينهض فيه للكدح والعمل ،
أقسم بذلك كله مؤكدا أن النار حق لا ريب فيه وأن عذابها ليس كمثله عذاب.
٣٦ ـ ٣٧ ـ (نَذِيراً لِلْبَشَرِ لِمَنْ شاءَ
مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ) حذّر سبحانه عباده من ناره ، وخلىّ بينها وبينهم ، فمن شاء
أن يقتحم ، ومن شاء أن يحجم.
٣٨ ـ (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ) هي وعملها ، ولا أحد يحمل وزر ضلالها ، وتقدم مرات ، منها
في الآية ٢٨٦ من البقرة.
٣٩ ـ (إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ) وهم المتقون الذين أعتقوا أنفسهم من النار بصالح الأعمال ،
قال الإمام أمير المؤمنين (ع) : الناس في الدنيا رجلان : رجل باع فيها نفسه
فأهلكها ، ورجل ابتاع نفسه فأعتقها.
٤٠ ـ ٤١ ـ (فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ عَنِ
الْمُجْرِمِينَ) الذين هم في أعماق الجحيم ، فيطلع سبحانه أهل الجنة على
أهل النار ، فيقول أولئك لهؤلاء ٤٢ ـ (ما سَلَكَكُمْ فِي
سَقَرَ) وكنتم في الحياة الدنيا تزعمون أن الجنة والنار وهم وخرافة
٤٣ ـ (قالُوا لَمْ نَكُ
مِنَ الْمُصَلِّينَ) أي لم تنته عن الفحشاء والمنكر وإلا فإن الصلاة وحدها لا
تدفع ولا تنفع.
٤٤ ـ (وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ) وفي آية ثانية (وَلا تَحَاضُّونَ
عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) ـ ١٨ الفجر» ومعنى هذا أن من يحتكر ويستأثر فهو ناهب وغاصب
لحق الفقراء والمساكين.