أهل الدنيا (فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ) لم تغيّره السنون (وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ) سالما بلا عطف وماء ، وهنا تكمن المعجزة الإلهية.
(وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) فعلنا بك ذلك لتكون دليلا على البعث وإمكانه عند من يعلم بحالك (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها) نحييها ، والمعنى كما أحييناك بعد الموت كذلك نحيي العظام وهي رميم (ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً) تماما كما بدأ أول خلق يعيده (فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ) أي فلمّا شاهد وجرب (قالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وأن إرادته تعالى هي عين قدرته على الفعل والإيجاد ، أمّا إرادتنا نحن فلا بدّ أن يكون معها قدرة وأدوات وعدم الموانع والعقبات.
٢٦٠ ـ (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى) آمن إبراهيم (ع) بأن الله يحيي الموتى إيمانا لا يشوبه ريب ، ولكنه أحبّ أن يشاهد ذلك بالعيان (قالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ) الله يعلم أن إبراهيم أقوى الناس إيمانا ، ولكن سأله ليجيب بهذا الجواب : (قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) فيزداد الإيمان رسوخا بالعيان.
(قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَ) اضممهنّ واجمعهنّ (إِلَيْكَ) وقطّع كل طير إلى أجزاء (ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً) فامتثل إبراهيم أمر الله تعالى (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً) ساعيات مسرعات ولما دعاهنّ إبراهيم رجعت إليهنّ الحياة وأقبلن نحوه.
٢٦١ ـ (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) في خدمة الإنسان ورفع مستوى الحياة (كَمَثَلِ) باذر (حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ) بيان أنّ الحسنة بسبعمائة ، بل تزيد عن ذلك أضعافا بدليل قوله تعالى : (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) فيه إيماء إلى أن المال إذا صادف محلّه عاد نفعه وأجره على الباذل فوق ما يتصور (وَاللهُ واسِعٌ) الرحمة والمقدرة (عَلِيمٌ) بمن يستحق الزيادة.
٢٦٢ ـ (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ ما أَنْفَقُوا مَنًّا) إظهار النعمة والصنيعة (وَلا أَذىً) السبّ والتوبيخ (لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) مغفرة ورحمة وثواب (وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) من العذاب
____________________________________
الإعراب : (إِذْ) ظرف بمعنى وقت ، والعامل محذوف تقديره اذكر ، و (كَيْفَ) في محل نصب على الحال ، والعامل (تُحْيِ) ، و (لِيَطْمَئِنَ) في محل نصب بأن مضمرة ، والمصدر المنسبك مجرور باللام ، متعلق بمحذوف ، والتقدير سألتك للاطمئنان ، وسعيا مفعول مطلق ليأتينك ، أو حال بمعنى ساعيات.