محمد (ص) أن يموت ، فقال سبحانه : (أَفَإِنْ مِتَ) يا محمد (فَهُمُ الْخالِدُونَ) الموت سبيل كل حي.
٣٥ ـ (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً) كل إنسان يبتلى ويمتحن بالشدة والرخاء والصحة والأدواء ، وأيضا بالحلال والحرام والطاعة والمعصية ، وهنا يعرف الأصيل من الدخيل والتقي من الدعيّ (وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ) لتجزى كل نفس بما كسبت.
٣٦ ـ (وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً) ولما ذا الهزء والسخرية بمحمد؟ لأنه يقول : الناس سواسية كأسنان المشط ، وأيضا يقول : الدين المعاملة! وفوق ذلك أنكر عبادة الأحجار والأصنام! ولهذا المنطق الآن وفي كل زمان أتباع وأنصار! والإختلاف في المظهر لا في الجوهر ، أو ما سمعت أولئك الذين يسمون من يناصر العدالة والمساواة مخربا وهداما ، والمؤمن المخلص جامدا ورجعيا (أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ) بأنها أحجار لا تضر ولا تنفع! لقد تجاوز كل حد! وكل مصلح ومجدد له خصوم من هذا النوع.
٣٧ ـ (خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ) لما استهزأ المشركون برسول الله (ص) ظن بعض المؤمنين أن الله سبحانه سيعاجلهم بالانتقام ، فقال ، عظمت كلمته : إن الله يمهل ولا يهمل. وفهم بعض المفسرين من الآية الدلالة على أن الإنسان عجول بالطبع والفطرة! وهذا ينافي النهي عن العجلة ، لأن ما بالذات لا يكون موضوعا لأمر أو نهي وعليه فنعت الإنسان بالعجول أو الكفور أو اليئوس وما أشبه ـ وهو تفسير لسلوكه بالنظر إلى بعض مواقفه ، وليس تحديدا لطبيعته وهويته.
٣٨ ـ (يَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) واضح ، وتقدم مرات ، منها في الآية ٧٠ من الأعراف.
٣٩ ـ (لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ) يستعجلون عذاب النار ، وهم أضعف من أن يستطيعوا عليها صبرا ، ولها ردا أو يجدوا منها مهربا ، وكم من مستعجل أمرا لو أتاه لضاق به ، وتمنى أنّه لم يأت.
٤٠ ـ (بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً) تأتيهم الساعة فجأة بلا سابق إنذار (فَتَبْهَتُهُمْ) فتذعرهم (فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) أبدا لا حيلة ولا وسيلة ، ولا إمهال وقيل وقال :
٤١ ـ (وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ ...) واضح ، وتقدم في الآية ١٠ من الأنعام.
٤٢ ـ (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ) يحرسكم ويحفظكم (بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) مهما احتاط الإنسان ، وبالغ في التحفظ من المخبآت والمفاجئات فلا ينجو منها إلا بعناية من الله وتوفيقه فكيف يحترس ويسلم من قضائه وقدره.
___________________________________
الإعراب : وقال صاحب مجمع البيان فجاجا مفعول ، و (سُبُلاً) بدل منه ، والمعنى صحيح على الإعرابين. وكلّ مبتدأ وجملة يسبحون خبر وفي فلك متعلق بيسبحون. و (فِتْنَةً) مفعول مطلق لنبلوكم مثل قمت وقوفا ، و (إِنْ يَتَّخِذُونَكَ) إن نافية ، وهزوا مفعول ثان. وهم الأولى مبتدأ ، وكافرون خبر ، وبذكر الرّحمن متعلق بكافرين. وهم الثانية تأكيد لفظي لهم الأولى. حين مفعول به ليعلم أي يعلم الوقت. وجواب لو محذوف أي لو يعلم الكافرون ... لانتهوا. وبغتة مصدر في موضع الحال من مفعول تأتيهم أي تأتيهم مبغوتين