١٨ ـ (بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) إن الله سبحانه لا يلهو ولا يهزأ أو يعبث ، بل ينزل القرآن ، وفيه الدليل القاطع الذي يحق به الحق ، ويبطل الباطل (وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ) وتفترون من نسبة الصاحبة إليه تعالى والولد والبنات واللهو وما إلى ذلك من صفات المصنوعين.
١٩ ـ (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لما ذا اللهو والولد؟ وفي قبضته كل شيء ، وإليه مصير العباد (وَمَنْ عِنْدَهُ) أي ومن له وجاهة ومكانة عند الله (لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ) لا يعيون ولا يملّون.
٢٠ ـ (يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ) لا يسأمون بل هم دائبون على الطاعة في القول والعمل.
٢١ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ هُمْ يُنْشِرُونَ) من أخص خصائص الإله وصفاته أن يوجد الأحياء وينشر الموتى ، وآلهة المشركين أضعف وأحقر.
٢٢ ـ (لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا) ضمير فيهما للسموات والأرض وإلا بمعنى غير صفة للآلهة ، ووجه الاستدلال في هذه الآية على التوحيد ما أشار إليه سبحانه في الآية ٩١ من «المؤمنون» : (وَما كانَ مَعَهُ مِنْ إِلهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلهٍ بِما خَلَقَ) ـ أي لتميز ملك كل إله عن ملك الآخر وهو خلاف الواقع ـ (وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) أي لحدث بين الآلهة تحارب وتغالب تماما كما هو الشأن في الملوك والرؤساء ، وبيّنّا فيما سبق أن كل واحد من الإلهين لا يخلو بن أحد فرضين : إما قادر على الاستقلال في الخلق فوجود الثاني لزوم ما لا يلزم ، وإما عاجز عنه فالعجز نقص ، وتعالى الله عن هذا وذاك.
٢٣ ـ (لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْئَلُونَ) فعله وقوله سبحانه هما الحق والعدل والصدق ، والحق دليل لا مدلول والعدل حاكم لا محكوم ، والصدق سائل لا مسؤول وإلا فلا صدق ولا عدل ولا حق أول ولا مبدأ على الإطلاق.
٢٤ ـ (أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً) تقولون : لله شريك (قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ) وأنا أول العابدين إن كنتم صادقين (هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ) أي هذا القرآن الذي معي (وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي) والكتب التي قبلي ليس فيها للشرك عين ولا أثر (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَ) ويقولون بالجهل والعمى.
٢٥ ـ (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ ...) كل الأنبياء جاءوا بالتوحيد ولو كان لله شريك لبعث للناس رسله
___________________________________
الإعراب : (أَمِ اتَّخَذُوا) ام هنا منقطعة بمعنى بل والهمزة. و (إِلَّا اللهُ) إلا بمعنى غير صفة للآلهة ، ولا يجوز أن تكون الا للاستثناء ، حيث يصير المعنى انه لو كان الله مع الآلهة لا يقع الفساد ، وانما يقع إذا كانوا وحدهم فقط. هاتوا اسم فعل بمعنى ائتوا. هذا ذكر من معي مبتدأ وخبر ، ومعي صلة لمن. و (عِبادٌ) خبر لمبتدأ محذوف أي هم عباد.