٥١ ـ (قالَ) فرعون : (فَما بالُ الْقُرُونِ الْأُولى) إذا كان هناك رب كما وصفت وزعمت فلما ذا الأولون عبدوا الأصنام ولم يعبدوه؟ وهذا الجواب يحمل في صلبه الدليل على نقضه وفساده ، لأنه تماما كقول القائل : لو كان للشمس وجود لرآها من لا يبصر!
٥٢ ـ (قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي ...) لما ذا تروغ عن الجواب ، وتفزع من موضوع إلى موضوع ، من كفرك وطغيانك إلى القرون الخالية ... إن علمها عند الله الذي لا تخفى عليه خافية.
٥٣ ـ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً) فراشا ومستقرا فأين أنت يا فرعون من خلق ذرة فما دونها (وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلاً) طرقا تسلكونها (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً) فأنزل أنت قطرة واحدة.
٥٤ ـ (كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ) خلق سبحانه الإنسان والحيوان ، وهيأ لهما أسباب الحياة من الأرزاق والأقوات.
(إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ) دلائل وبراهين على أنه لا إله إلا الله (لِأُولِي النُّهى) لأرباب العقول الذين ينتهون عن القبائح والجرائم.
٥٥ ـ (مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ وَمِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى) واضح ، وتقدم في الآية ٢٥ من الأعراف.
٥٦ ـ (وَلَقَدْ أَرَيْناهُ) فرعون (آياتِنا كُلَّها فَكَذَّبَ وَأَبى) عرض موسى على فرعون المعجزات الواضحة والحجج البالغة ، فرفضها كفرا وبغيا وعتوّا وتمردا. «لما ذا هذا العناد؟ للحرص على الجاه والسلطان. ولا يختص هذا بفرعون موسى ونمرود إبراهيم ، بل يشمل الكل أو الجل ، كما جاء في الأشعار «كلنا يطلب ذا حتى أنا».
٥٧ ـ (قالَ أَجِئْتَنا لِتُخْرِجَنا مِنْ أَرْضِنا بِسِحْرِكَ يا مُوسى) ضيّق موسى على فرعون ، وأخذ بخناقه ، ولم يدع له أية حجّة أو جواب ، فلجأ إلى التهم والافتراء بأنه ساحر ، يريد أن بطرد أصحاب الجاه والسلطان من مصر ، ويستولي على الملك.
٥٨ ـ (فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ ...) لا يغرنك ما أنت فإن عندنا مثل ما عندك وزيادة ، فاجعل بيننا وبينك يوما للمباراة.
٥٩ ـ (قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى) اختار موسى يوم العيد لأنه يوم عطلة ، يكثر فيه الحشود والشهود ، واختار الضحى من يوم العيد لأنه أظهر وأجمع ، ويدل هذا على ثقته ويقينه ، وأن الله ناصره لا محالة.
٦٠ ـ (فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى) جد واجتهد في جمع السحرة ، وأتى بهم حاشرون كما في الآية ١١٢ من الأعراف :
___________________________________
الإعراب : (كُلَّ شَيْءٍ) مفعول أول لأعطى ، و (خَلْقَهُ) مفعول ثان. (فَما بالُ الْقُرُونِ) مبتدأ وخبر. و (عِلْمُها) مبتدأ وخبره (فِي كِتابٍ) ، وعند (رَبِّي) تعلق بما تعلق به في كتاب ، أي علمها ثابت في كتاب عند ربي. و (الَّذِي جَعَلَ) صفة لربي أو عطف بيان.