٩ ـ ١٠ ـ (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ...) كرر سبحانه وعده بالثواب لمن آمن وأخلص ليزداد جهادا أو إيمانا ، وكرر وعيده بالعقاب لمن خان وبغى لعله يذكر أو يخشى.
١١ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ) خص الله سبحانه محمدا (ص) ومن آمن معه بالعديد من نعمه ، وأهمها جميعا هذه النعمة التي أشار إليها بقوله : (إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ) تحالف المشركون واليهود والمنافقون ضد المسلمين ، فصد الله عنهم قوى الشر والبغي ، وأظهر دينه تعالى على رغم كل حاقد ومعاند.
١٢ ـ (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ) أن لا يتجاوزوا حدود الله والحق (وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) بعدد الأسباط ، لكل سبط نقيب أي قائد يدبر أمور جماعته ومرؤوسيه (وَقالَ اللهُ) لبني إسرائيل : (إِنِّي مَعَكُمْ) أنصركم ولا أخذ لكم بهذه الشروط : الأول (لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ) على أصولها ، الثاني (وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ) كاملة ، الثالث (وَآمَنْتُمْ بِرُسُلِي) جميعا دون استثناء ، الرابع (وَعَزَّرْتُمُوهُمْ) عظمتوهم ونصرتموهم ، الخامس ، (وَأَقْرَضْتُمُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً) وأيضا تنفقون مع الزكاة قسما آخر من أموالكم في سبيل الله ، وجزاء القيام بهذه الخمسة شيئان : الأول (لَأُكَفِّرَنَّ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) العفو عن السيئات (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) ـ ١١٤ هود» الثاني (وَلَأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) هذا الجزاء عند الله سبحانه : العفو والجنة لمن سمع وأطاع (فَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ مِنْكُمْ) الإفضال والإنعام منه تعالى وأخذ الميثاق بالشكر والطاعة (فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ) انحرف وجار عن الطريق القويم.
١٣ ـ (فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ) هذا هو دين اليهود ودينهم : نقض العهود ونشر الشرور والسموم ، وجزاؤهم من الله سبحانه اللعنات الدائمة (وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً) وليس المراد بالجعل هنا الخلق والتكوين وإلا لم يستحقوا ذما ولا عقابا ، وإنما المراد أن الله سبحانه تركهم وشأنهم دون أن يتدخل بإرادته الشخصية ، ويمنعهم بالجبر والقهر عن الجرائم والرذائل (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ) تقدم بالحرف في سورة النساء الآية ٤٦ (وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) كانت التوراة لليهود كنزا وعزا ، فحرفوا ، وما حرفوا بذلك إلا أنفسهم كما قال سبحانه : (وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ـ ١٠٢ البقرة». (وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ) شعار اليهود الخيانة ، ولا يروي عطشهم إلّا الكيد والمكر (إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ) ثبتوا على العهد والميثاق (فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ) إن كفوا عنك شرهم وضرهم (فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ) ١٩٣ البقرة».