بخلاف جهة الإيجاب حيث إنّها بالنّسبة إليه من قبيل الاقتضاء ، فإذا اجتمعتا في فعل فلا محالة تؤثّر جهة الاقتضاء فيصير واجبا إلّا أنّ اجتماع ملاك الاستحباب يصير منشأ لتأكد الوجوب فيه ، نعم يمكن فرض العكس بأن تكون جهة الاستحباب من قبيل الاقتضاء أي العلّة التّامّة دون جهة الإيجاب ، فلا محالة حينئذ تؤثّر جهة الاستحباب دون جهة الوجوب ، وبنحو هذا المعنى قد تصوّرنا معنى الشّرط المحرّم للحلال الّذي لا يكون فرعا نافذا حيث كلّ شرط لأجل نفوذه ولزومه يوجب تحريم الحلال ، فإنّه لا بدّ وأن يكون قبله حلالا جائز الطّرفين وبعد اشتراطه في ضمن العقد لا بدّ أن لا يجوز تركه بمقتضى لزومه ونفوذه ، فأين الشّرط الّذي لا يكون بمحرم الحلال؟ وهذا إشكال ربّما يورد في مقام ذكر الشّروط السّائغة وحلّه كما ذكرناه في ذلك المقام ، أنّ الحلّيّة قد تكون لأجل عدم ما يقتضي الإيجاب أو التحريم ، فهذه قابلة لأن ترجع بالشّرط في ضمن العقد ، كلّ الشّروط النافذة كذلك ، وقد تكون لأجل ما يقتضيه بأن يكون الفعل بجميع عناوينه وما يطرأ عليه من الطّوارئ فيه جهة مقتضية كليّته ، فهذه الحلّية غير قابلة لأن ترفع بالشّرط ، فإنّ نفوذه حينئذ يستلزم تحريم الحلال ، وهذا معنى قولهم كلّ شرط سائغ إلا ما حرّم حلالا. إلّا أنّ هذا الفرض بعيد جدّا ، (١) ولذا لم نتعرّض له ، وكذا في صورة الملازمة ، فإنّها بين الواجب والمستحب لو لم تؤكّد الإيجاب لا تؤثّر الاستحباب إلّا اقتضائيّا بالعرض والواسطة. (٢) هذا على القول بالامتناع.
__________________
(١) أقول ويمكن فرض آخر وهو كون ترك هذا الواجب الّذي لا بدل له ممّا ينطبق عليه أو يلازمه عنوان آخر يكون أكثر مصلحة ممّا في نفس فعل منها على حذو ما تقدّم في تصوير تقديم النّهي التّنزيهي على الأمر في القسم الأوّل طابق النّعل بالنّعل فتأمّل جيّدا ، لمحرّره.
(٢) وأقول هذا بناء على إمكان اختلاف المتلازمين في الحكم وإلّا فعلى القول بالامتناع لا تؤثّر الملازمة إلّا تأكّد الإيجاب لا استحباب بالعرض والواسطة فعليّة جهة الإيجاب على جهة الاستحباب ، لمحرّره.