فتلخّص ممّا ذكرنا أن النّهي في هذا القسم لا يكون إلّا إرشاديّا بخلاف القسم الأوّل ، فإنّه يمكن أن تكون كذلك ويمكن أن تكون مولويّا كما عرفت.
وأمّا القسم الثّالث : وهو ما يكون له بدل مع تعدّد العنوان والجهة بأن يكون متعلّق النّهي عنوانا مجامعا ومتّحدا وجودا مع عنوان متعلّق الأمر أو ملازما له خارجا ، سواء علم ذلك من ظاهر الخطاب أو من دليل الآخر مع تعلّق النّهي في ظاهره بعنوان متعلّق الأمر ، فالنّهى فيه يختلف حاله مولويّة وإرشاديّة بحسب القول بجواز الاجتماع وعدمه ، وحيث عرفت أن الإشكال مشترك الورود لأنّ النّهي في تلك الموارد من قبيل النّهى عن العبادة المقتضي للفساد على كلا القولين ، فلا بدّ في مقام التقصّي عند من أن يقرّر الجواب على كل منهما بجسب ما يطابقه.
فنقول : أمّا على القول بالجواز فلا مانع من اجتماع الوجوب والكراهة في هذا القسم في كلتا الصّورتين ، إذ ليس اجتماعهما فيه أسوأ حالا من اجتماع الوجوب والحرمة مع تعدّد العنوان والجهة ، إلّا أنّ النّهي عن العبادة حينئذ مولوي بالعرض والمسامحة ، فإنّ متعلّقه حقيقة هو ذلك العنوان الآخر المتّحد معها أو الملازم لها ، ويمكن أن يكون على وجه الحقيقة إرشادا إلى سائر الأفراد أو ممّا لا يكون متّحدا معه أو ملازما له ، حيث أنّها واجدة لتمام ما في الطّبيعة المأمور بها من المصلحة مع عدم ابتلائها بمزاحمة ذلك العنوان بخلافه ، وأمّا على القول بالامتناع فكذلك في صورة الملازمة لتعدّد متعلّق كلّ من الوجوب والكراهة حقيقة ، وعدم إمكان اختلاف المتلازمين في الحكم إنّما يؤثّر في انتفاء الحكم الفعلي عن غير الأهمّ منهما ، لا انتفاء ملاكه ومقتضيه أيضا ، فلو فرض ولو محالا ترجيح جانب الكراهة لأهمّيّته لا يقتضي فساده العبادة الّتي تعلّق بها النّهي ، لأنّ ملاك الأمر فيها موجود