والكذب حينئذ ، وأن لوحظ غير مستقل في نفسه بل في غيره وبتبعه بحيث لا يمكن تصوره بدون تصور الغير لأنه من .. أحواله وخصوصياته في الذّهن كالسير والكوفة يكون معنى لمن ولا يصح أن يخبر به ولا عنه حينئذ وحيث قد عرفت أن هذان اللحاظان خارجان عن ذات المعنى غير مأخوذين فيه عند الاستعمال فلا فرق بين الحروف والاسماء الموضوعة لمعانيها لا بحسب الوضع ولا بحسب الموضوع له ولا بحسب المستعمل فيه.
فإن قلت : على هذا تكون كلمة من والابتداء والى والانتهاء وكذا سائر الحروف والاسامي الموضوعة لمعانيها في قبيل الالفاظ المترادفة ، فيجوز استعمال كلّ منها في معنى الآخر مع أن هذا واضح الفساد.
قلت : الفرق فيهما كما أشرنا إليه إنّما هو في اختصاص كلّ من الحروف والأسماء بوضع وطور على حده ، بمعنى أن الغرض والدّاعي على الوضع فيهما مختلف فالغرض من وضع الحروف أن تلاحظ معانيها وتصور غير مستقلة في أنفسها ، فتراد باستعمال الفاظها فيها لكن لا مع هذا اللحاظ ، بل مجردة منه والغرض من وضع الأسماء أن تلاحظ وتصور معانيها مستقلة في أنفسها وبما هي هي فتراد باستعمال الفاظها أيضا مجردة عن هذا اللّحاظ ، لما قد عرفت من أن لحاظ آلية المعنى أو استقلاليته خارج عن المستعمل فيه ، ولا يعقل أخذه فيه فالمستعمل فيه في الحروف والأسماء هو ذات المعنى المتصور كمفهوم الابتداء مثلا مجردا عن قيد تصوره غير مستقل أو مستقلا في نفسه ، فلو استعمل كلّ منهما في مقام الآخر واريد به المعنى مجردا عن القيدين لم يستعمل اللّفظ في غير معنى ما وضع له ، بل إنّما استعمل مع خلاف وضع استعماله وطوره ، فإن شئت أن تسمي هذا النّحو من