الماهيّة بما هي هي فإنّها كذلك ، ليست إلّا هي غير موجودة ولا معدومة ولو سئل عنها كذلك عن طرفي النّقيض يجاب بأنّها مسلوبة الطّرفين.
أمّا الأوّل : فلا يصحّ ، لما عرفت من أن العناوين غير ملحوظة بأنفسها وعلى حيالها بل لأجل كونها آلة ومرآتا لملاحظة ما هو المقصود وموافق للغرض ممّا يصدر ويتحقّق في الخارج ، سواء قيل بأنّه الوجود أو الماهيّة فهو متعلّق التّكليف دونها ، لأنّها مفاهيم كليّة انتزاعية ليست حقيقة إلّا مقدّرات له ، ولحاظها فان في لحاظه فناء الحاكي في المحكي عنه والمرآة في المرئي ، فالمعنونات ، وبعبارة الاخرى مصاديق العناوين متعلّقات الأحكام ، ولأجل كونها بالنّسبة إلى المعنونات الّتي هي متعلّقات الأحكام من قبيل المفاهيم والمصاديق وقع الاشتباه في المقام فتوهّم أنّها بأنفسها متعلّقات الأحكام فإن اشتباه المصداق بالمفهوم غير عزيز يقع كثيرا حتّى بين الأعلام ، وقد نبهنا في غير مقام على كثير من مواردها.
ومن هنا انقدح أيضا أنّه ليس متعلّق التّكليف فيما محطّ النّظر في المقام أعني التّكاليف المتعلّقة بأفعال الجوارح الماهيّة بحسب وجودها الذّهني ، ضرورة أنّها كالعناوين في كونها آلة لملاحظة ما تعلّق به الغرض في الأفعال الخارجيّة الصّادرة عن المكلّفين ، نعم ، قد يتعلّق الغرض بها بعضها وعلى حيالها كما في التّكليف المتعلّق بأفعال القلب والنّيّات ، فيكون متعلّقه حينئذ الماهيّة بحسب وجودها الذّهني ، إلّا أنّها حينئذ أيضا وجود لها وإن كان ظرفه الذّهن وليس المدّعى أنه لا يمكن تعلّق تكليف بالماهيّة بحسب وجودها الذّهني ، أصلا ، بل المدّعي أن متعلّق التّكليف مطلقا الماهيّة بحسب الوجود ، غاية الأمر أنّه قد يكون من أفعال الجوارح فيتعلّق التّكليف حينئذ بالماهيّة بحسب وجودها الخارجي ، وقد يكون من أفعال القلب