تحصيل الغرض اللازم ، فتعين الحكم بالتّخيير تحصيلا له لكنه كما في الفرض الثّاني عقلي وشرعي مولوي إذ أنّ لخصوصيات كلّ واحد من الشّيئين أو الأشياء دخل في حصول الغرض وثبوت الحكم حينئذ ، بخلاف القسم الأوّل ، إذ التّخيير فيه شرعا راجع إلى التّعيين عقلا ، فلا دخل لخصوصيات كلّ واحد في ثبوت الغرض والحكم ، ولذا قلنا أن التّخيير الشّرعي فيه راجع إلى التّخيير العقلي.
والفرق بين التّخييرين في القسمين الأخيرين مع اشتراكهما في كونهما عقليين وشرعيين بخلاف الأوّل ـ لأنّه عقلي حقيقة ـ أنّه ليس في القسم الثّاني إلّا مقتضى التّخيير لأنّه قضيّة التّزاحم بين الغرضين أو الأغراض ، بخلاف القسم الثّالث إذ فيه مقتضى إيجاب الجميع تعيينا إلّا أن اقترانه بالمانع عنه وهو عدم تمكن المكلّف من الإتيان بالجميع صار منشأ للحكم بالتّخيير ، فلو فرض أن مفاد الخطاب فيه إيجاب الجميع تعيينا لزم التصرف فيه عقلا بإرجاعه إلى إيجاب الجميع تخييرا ، وكذا يلزم التّصرف في مفاد الخطاب في القسم الثّاني لو فرض العلم بثبوت المزاحمة بين الغرضين أو الأغراض كما لا يخفى.
وأمّا المقام الثّاني : وهو مقام إثبات التّخيير فهو وظيفة الفقيه لأنّه من المسائل الفقهية ، فعليه أن يرجع إلى الأدلة ويستنبط ما هو مفادها وأنّه أيّ قسم من الأقسام الثّلاثة كي يرتب عليه حكمه إن فرض له حكم خاص.
بقي الكلام في أنّه : يعقل التّخيير بأقسامه الثّلاثة بين الأقلّ والأكثر أم لا؟ ربّما يتخيل ويتوهّم عدم إمكانه استنادا إلى أنه إذا وجد الأقلّ تتحقق به الطّبيعة والغرض فيسقط به الأمر فيكون الزّائد عليه من أجزاء الأكثر خارجا عن الواجب ، فتعيّن أن يكون هو الواجب والزّائد عليه مستحبّا ، ولذا يكون الأكثر