كقوله تعالى : (لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ) وكقولهم عليهمالسلام «يغتسل ويعيد ويتوضأ ويقضي ويستأنف» ونحو ذلك هل هي منسلخة عن معناها الاخباري أو باقية عليه ، وعلى أي تقدير هل هي ظاهرة في الوجوب أم لا ، فالكلام فيها في مقامين :
أمّا الاوّل : فالظّاهر فيه إنّها باقية على معناها الحقيقي ومستعمله فيه مطلقا غاية الأمر أن الدّاعي على الأخبار يختلف ، فقد يكون فائدة الخبر من إعلام المخاطب بمضمون القضيّة إذا كان جاهلا به ، وقد يكون لازم فائدة الخبر في إعلام بعلم المتكلّم بمضمون الجملة فيما إذا كانا عالمين به ولكن المخاطب جاهل بعلم المتكلّم به فيخبره إعلاما بأنه أيضا عالم به ، وقد يكون البعث وطلب الفعل أو تركه فيخبره بوقوعه إظهارا بأنه مطلوبه وتحريكا للمخاطب نحوه إمّا على وجه المنع من النّقيض أو على وجه الرّضا به على الخلاف الآتي في المقام الثّاني ولا يلزم في هذه الصّورة كذب على المتكلّم عند عدم وقوع مطلوبه في الخارج لأنه إنّما يلزم فيما إذا كان الدّاعي هو الإخبار والاعلام دون البعث والطّلب نظير الكفايات فإن العبرة في صدقها وكذبها ليست بمطابقة مضمونها أعني معناها المطابقي وعدمها للواقع ، بل بمطابقة معناها الكنائي وعدمها للواقع ، مثلا إذا قيل زيد كثير الرماد وكناية عن جوده فلا يكون هذا الكلام كذبا إلّا إذا لم يكن زيد بجواد ، واختلاف دواعي الأخبار لا يوجب خروج الجملة الخبريّة عن معناها وانسلاخها عن كونها خبرا. نعم لا نضايق من ظهورها عند اطلاقها في أنها استعملت في معناها بداعي الإخبار والإعلام فلا داعي على الالتزام بانسلاخها عن معانيها لو استعملت في مقام الطّلب والانشاء ، كما أن اختلاف دواعي الإنشاء في الجمل الإنشائيّة لا يوجب انسلاخها عن كونها إنشاء وإن كان الظّاهر منها عند الإطلاق أنها مستعملة بداعي