المشتقات ، غاية الأمر أن نحو التّلبس وتعيينه ممّا هو المرغوب منه في كلّ مورد بحسبه وانقضائه كذلك ، وذلك لأن من الواضح أن مثل القائم والقاعد والجاري والرّاكد والنّائم والعالم ونحوها وكذا ما يراد منها من اي لغة كانت للتّصديق على من لم يكن متلبسا بالمبادئ في حال الإسناد والجري والانتساب وإن كان متلبسا بها قبل ويصح سلبها عنه ، كيف لا وقد اتصف في الحال بها يضادها ، وإسناده إليه وجريه وإطلاقه عليه حقيقة اتفاقا. فلو صح أسنادها إليه وجريها عليه واتصافه بها أيضا في الحال لا بلحاظ حال التّلبس بها للزم أن لا يكون تضاديين الوصفين كالقائم والقاعد والجاري والرّاكد وهكذا ، ويصحّ صدقهما بنحو الحقيقة على شخص واحد ، مع أنهما بحسب ما لهما من المعنيين المرتكزين عند الاذهان متضادان كمبدأيهما ، والمتضادين الوصفين بحسب معنييهما المرتكزين في أذهان النّاس كاشف عن صحّة السّلب عندهم عن ما انقضى عنه المبدأ ، فليس وضع المشتقات إلّا لخصوص المتلبس بالمبدإ في الحال ، يقرر هذا التّضاد بين الوصفين وجها على حده في متقابل التّبادر وصحّة السّلب.
ويقال : لا ريب في مضادة الصّفات المقابلة المأخوذة من المبادي المتضادة على ما ارتكز لها من المعاني ، فلو كان المشتق حقيقة في الأعم لما كان بينها مضادة ، بل كان بينها التّخالف كلّ واحد منها مع ما يقابله فيما انقضى عن المبدأ وتلبس بمبدإ آخر. ولا يتوجه عليه ما أورده بعض الأجلّة من المعاصرين من عدم التّضاد بين الوضعين على القول بعدم الاشتراط وثبوت الوضع للأعم ، وذلك لأنا نسلم أن قضية القول بعدم الاشتراط هو الالتزام بعدم التضاد بين الوضعين ، إلّا إنّا نقول : لما كان التّضاد بينهما أمرا واقعا في إنظار النّاس كمبدئهما فيكشف عن بطلان هذا القول