الزّمان ولو عناية كقولك أظلم اللّيل أو أضاء النّهار ، مضى الماضي وانقضى أو إلى المجردات كقولك : علم الله ، وهذا بعيدا جدا ، إذ لا نرى فرقا في معاني الأفعال بين إسنادها إلى الزّمانيات وبين إسنادها إلى نفس الزّمان أو المجردات ، هل ترى فرقا بين قولك : علم زيد ، أو علم الله ، في أن الاوّل يدلّ على الزّمان دون الثّاني. نعم فرق بين علمه تبارك وتعالى بالأشياء وبين علم غيره بها ، ولا نريد إنكار ذلك ، بل نريد إثبات عدم الفرق في كيفيّة إسناد العلم إليهما ، فلا بدّ من الالتزام بأن الدّلالة على الزمان خارج عن مدلولي الماضي والمضارع ، وإلّا لكان استعمالهما بما لا دلالة لهما فيه على الزّمان مجازا من باب استعمال اللّفظ الموضوع للكلّ في الجزء ، وهذا كما ترى ، نعم لو استند إلى الزّمانيات لم يبعد الالتزام بأن لهما حينئذ خصوصيّة في أصل المعنى توجب الدّلالة على الزّمان الماضي في الماضي وعلى الحال أو استقبال في المضارع ، ويؤيد (١) ذلك قولهم بأن المضارع مشترك بين الزّمانين إذ ليس فرضهم الاشتراك اللّفظي قطعا ، وإلّا لزم أن يكون استعماله في الأعم مجازا ، ولا يلتزمون به ، ولا الاشتراك المعنوي بأن تكون له دلالة على مفهوم زمان يعمّهما ، إذ لا دلالة له على ذلك أيضا قطعا ، بل الاشتراك المعنوي بوجه آخر ، فلا بدّ من أن يكون له خصوص معنى صحّ انطباقه على كلّ واحد من الزّمانين ، كما أن الجملة الاسميّة كزيد قائم لهما معنى صحّ انطباقه على الزّمانين ، وحيث تكلّمنا في معاني الأسماء والأفعال فلا بأس بالتّكلّم في معاني الحروف استطرادا ، فنقول :
قد تقدم مشروحا أنه لا فرق بين الإسم والحرف بحسب المعنى وإنه فيهما حال الوضع والاستعمال مجرد ومعرى من لحاظ الآلية والاستقلاليّة بمعنى أن الموضوع له
__________________
(١) وأقول لم أفهم وجه التّالي المذكور ولا وجه خصوص المعنى المدعى هل هي لأجل صيغتي الماضي والمضارع أو لمتعلقها والزّمانيات أو للهيئة التّركيبيّة ، للمحرّرة.