المستجدة نتيجة التطور المثمر الذي حصل في هذه المدة الطويلة. ولعل من المناسب من أجل ذلك أن يكون اسمه (الكافي في أصول الفقه) لأنه ـ فيما نعتقد ـ يتناسب وقابلية الطالب الناجح في هذه المرحلة.
وربما يؤخذ على هذا الكتاب ..
أولا : عمق البحث ودقة الملاحظة.
وثانيا : رصانة التعبير وإيجاز البيان ، بنحو قد يحتاج استيعابه إلى تكلف لا يسع الكثيرين.
لكن عمق البحث ودقة الملاحظة هو المفترض في كتاب يصلح للتدريس في مرحلة السطوح العالية ـ التي منها ينتقل الطالب لبحث الخارج ـ خلفا لما سبقه من الكتب الرفيعة المستوى ، ليكون حلقة في سلسلة التكامل العلمي الذي حصل نتيجة البحث والتمحيص في الأجيال العلمية المتعاقبة.
وهو أمر تتميز به الحوزات الشريفة بما لها من حرية علمية ، وأصالة في الفكر ، وإخلاص في البحث من أجل معرفة الحقيقة والوصول إليها. كما أنه من أسباب الفخر والاعتزاز التي تجب المحافظة عليها وتنميتها أداء للواجب في بذل الجهد واستفراغ الوسع لمعرفة الحكم الشرعي ، وقياما بمقتضى الأمانة العلمية ، واحتراما للعقل والفكر.
والحذر ثم الحذر من التفريط بها رغبة في التيسير والتسهيل والإسراع في صعود المراتب الوهمية الذي قد يجر للسطحية وينتهي بالضحالة العلمية ، ويؤدي بالآخرة للتفريط في أداء الوظيفة والوصول للحكم الشرعي ، وضياع المكاسب العظيمة التي غنمناها نتيجة عدّة قرون من الجد والجهد والتعب والنصب. وتفقد الحوزات بذلك مقامها العلمي الرفيع ، ويكون منا ـ لا سمح الله تعالى ـ بدء العدّ التنازلي بدلا من الصعود في طريق التطور والتكامل.