هو إرادة المكلف في مقام الامتثال. كما يظهر بأدنى تأمل. ومن هنا لا مخرج عما ذكرنا بعد مطابقته للمرتكزات ، وظاهر الأدلة.
بقي في المقام أمور
الأول : مقتضى إطلاق الأمر بالشيء البناء على كونه تعيينيا ، لما أشرنا إليه من أن تعلق الأمر التخييري بمتعلقه يقتضي عدم نسبته للطرف الواحد ، بل لتمام الأطراف بنحو التخيير ، فالاقتصار على نسبته للواحد ظاهر في كونه مأمورا به تعيينا ، وفي عدم الاجتزاء عنه بفعل غيره.
نعم ، يصح الأمر بأحد أطراف التخيير لو تعين غيره بالعرض بسبب تعذر غيره ، كما يصح الاقتصار في نسبة الوجوب إليه. إلا أن الخطاب حينئذ يكون بنحو القضية الخارجية الواردة لبيان الحكم الشخصي ، لا بنحو القضية الحقيقة لبيان الحكم الكلي بحسب أصل الجعل ، التي هي مقتضى الظهور النوعي في القضايا الشرعية.
هذا ولو لم يكن لدليل الوجوب إطلاق ووصلت النوبة للأصل فالكلام في أن مقتضى الأصل التعيين أو التخيير موكول لمسألة الدوران بين الأقل والأكثر الارتباطيين ، لمناسبته لهما ، ولا مجال مع ذلك لإطالة الكلام فيه هنا.
الثاني : قد وقع الكلام بينهم في إمكان التخيير بين الأقل والأكثر. ولا ينبغي التأمل في إمكانه لو كان الإتيان بالزيادة التي بها يمتاز الأكثر قبل تمامية الأقل ، إما في أثنائه ـ كالتخيير بين القصر والتمام ـ أو مقارنا له ـ كالتخيير بين قراءة القرآن وحدها وقراءته مع النظر في المصحف ـ حيث لا مانع من استناد الامتثال للأقل في ظرف انفراده ، لاستقلاله حينئذ في تحقيق الغرض ، وللمجموع في ظرف وجوده ، لدخله بتمامه في الغرض وعدم وفاء الأقل حينئذ به.