وكيف كان فالظاهر نهوض الأصل العدمي المذكور بالتعبد بحكم العام حتى على الوجه الرابع ، لأن التخصيص وإن لم يقتض تعنون موضوع حكم العام بعنوان عدم الخاص حينئذ ، إلا أنه يقتضي تحديده بما يطابقه ، لما سبق من أنه يكشف عن عدم كون عنوان العام تمام الموضوع لحكمه ، بل هو مقيد بخصوصية ما ، وهذه الخصوصية وإن لم تحدد من قبل الشارع الأقدس مفهوما بعنوان يكون سورا للموضوع ، إلا أنها قد حددت من قبله مصداقا ببيان عدم خروج غير موارد عنوان الخاص عنه ، فمع إحراز أن الفرد من القسم الباقي دون الخارج بالتخصيص يحرز واجديته للحدّ المأخوذ من الشارع لموضوع الحكم ، وذلك كاف في الخروج عن الأصل المثبت ، لأن المعيار فيه ليس على خصوص موضوع الحكم الدخيل فيه بمفهومه ، بل على إحراز مورد الحكم تبعا للحدّ المستفاد من الشارع الأقدس الإناطة به في مقام العمل. وهو حاصل في المقام.
وأما عدم الاكتفاء بإحراز العنوان الانتزاعي المذكور في كلام الشارع الأقدس فليس هو لعدم دخل العنوان المذكور في الحكم بمفهومه ، بل لسوقه في كلام الشارع لمحض الحكاية عما هو الحدّ للحكم من دون أن يراد تحديد الحكم وبيان موارده به ، فهو نظير الكنايات التي يراد بها الحكاية عما يباين مفاهيمها. فلا يقاس بما نحن فيه.
الأمر الثاني : لا إشكال في جواز التمسك بالعام لإثبات حكمه بعد إحراز موضوعه ، وإنما الإشكال في جواز التمسك به لإثبات حال الموضوع بعد إحراز الحكم. وقد ذكر في التقريرات لذلك موردين :
الأول : ما لو علم بعدم جريان حكم العام في مورد معين ، وشك في كون خروجه عنه تخصيصا مع واجديته لعنوانه أو تخصصا لعدم واجديته لعنوانه ، كعموم وجوب إكرام العلماء مع العلم بعدم وجوب إكرام زيد