الفصل السادس :
فی اقتضاء النهي الفساد
وقع الكلام بينهم في أن النهي عن العبادة أو المعاملة هل يقتضي الفساد أو لا؟
ولا يخفى أن عدّ هذه المسألة من مسائل الملازمات العقلية يبتني على ما هو الظاهر منهم من عدم الفرق في محل الكلام بين استفادة النهي من دليل لفظي واستفادته من غيره ، إذ عليه يكون موضوع البحث هو الملازمة بين النهي والفساد ثبوتا ، لا ظهوره فيه إثباتا.
نعم قد ينافي ذلك ما عن بعضهم من دلالة النهي على الفساد في المعاملات مع إنكار الملازمة بينه وبين الحرمة فيها ، فلو كانت المسألة عقلية لكان اللازم عدّ القول المذكور قولا بالنفي ، لا قولا بالإثبات ، كما عن بعضهم. لكن لا مجال لرفع اليد بذلك عما سبق. فالأولى إدخال المسألة في الملازمات العقلية وعدّ القول المذكور قولا بالنفي ، فإنه أولى بنظم البحث. ولا سيما مع قرب كون منشأ القول المذكور دعوى الملازمة الشرعية بين الحرمة والفساد ـ لظهور بعض النصوص في ذلك كما يأتي ـ وإن لم تستفد الحرمة من دليل لفظي ، حيث لا مجال مع ذلك لكون المسألة من مباحث الألفاظ.
هذا وقد تقدم في المسألة الخامسة من مبحث حقيقة الأحكام الوضعية من المقدمة أن الصحة والفساد في العمل منتزعان من التمامية وعدمها بلحاظ ترتب الغرض المهم عليه ، فما تم فيه ما يعتبر في ترتب الغرض المهم هو الصحيح ، وغيره الفاسد. وحينئذ لما كان الغرض المهم من فعل العبادة هو