وربما يدعى أن مقتضى قاعدة الميسور ـ بناء على شمولها للشروط ـ وجوبه بعد الوقت ، كسائر موارد تعذر بعض ما يعتبر في الواجب. بل قد يدعى أن مقتضاها وجوبه حتى لو كان لدليل التوقيت ظهور في الانحصار ، لحكومتها على أدلة الاجزاء والشرائط الظاهرة في الارتباطية بينها مطلقا المستلزمة لسقوط الواجب بتعذر بعضها. لكن الظاهر عدم تمامية القاعدة من أصلها ، على ما يأتي في التنبيه الثالث من مسألة الأقل والأكثر الارتباطيين إن شاء الله تعالى.
هذا ، ولو لم ينهض دليل بإثبات التدارك ولا عدمه فالمرجع البراءة من وجوب التدارك. ولا مجال لاستصحاب وجوب الواجب إلى ما بعد الوقت ، لاحتمال كون الوقت قيدا في الواجب ، فيكون ما بعد الوقت مباينا لما علم بوجوبه في الوقت ، ومع احتمال تعدد الموضوع يمتنع جريان الاستصحاب ، ولا اعتبار بالتسامح العرفي في موضوع الاستصحاب ، على ما ذكرناه في محله.
الأمر الثاني : لو كان دليل الموقت قاصرا عن إثبات وجوبه بعد الوقت ـ لعدم الإطلاق لدليل أصل الواجب ، أو لظهور دليل التوقيت في الحصر ـ فقد ورد وجوب القضاء في كثير من الفرائض والنوافل ، كالصلاة والصوم وغيرهما.
وحينئذ يقع الكلام في أن القضاء هل هو من سنخ الأداء ـ إما لوفائه بتمام ملاكه مع كون ملاك الوقت مباينا لملاك الواجب ، بحيث يكون الوقت معتبرا بنحو تعدد المطلوب ، وإما لوفائه ببعض ملاكه لكون الوقت دخيلا في بعض مراتب ملاكه ـ أو هو من سنخ آخر لا يكون محصلا لمصلحة الأداء ، لفوتها بتمامها بفوت الوقت ، بل هو تدارك لفوته ، نظير تدارك المرض الحاصل من عدم الأكل بالدواء وتدارك التلف بالضمان.
وقد ذكر بعض الأعاظم قدسسره أن الأول وإن كان ممكنا ثبوتا ، إلا أن ظاهر أدلة القضاء الثاني ، لظهور لفظ القضاء في تدارك ما فات في وقته ، ولا معنى