رواة حديثنا ، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله» (١) ، لظهوره في جعل الحجية بنفسها بما لها من مفهوم عرفي ، كما هو الحال في سائر ما تضمن عنوان الحجية مما ورد في كلام المعصومين عليهمالسلام وعبر عنها في الكتاب المجيد بالسلطان. بل حيث كان المراد من الرجوع لرواة الحديث في التوقيع تطبيق العمل على أقوالهم أو سؤالهم لأجل ذلك كان كالصريح في ترتب العمل على الحجية ، لا أنها منتزعة منه.
هذا ، ويأتي الكلام في حقيقة الحجية التخيرية عند الكلام في مقتضى الأصل في المتعارضين من مبحث التعارض إن شاء الله تعالى.
المسألة الثالثة : وقع الكلام بينهم في حقيقة السببية والشرطية والمانعية والرافعية ونحوها مما يرجع إلى مقام العلية والتأثير في وجود الشيء أو عدمه ، وهل أنها من الأحكام المجعولة بالأصل أو بالتبع ، أو منتزعة من خصوصية جعلية أو تكوينية ، ولا كلام فيما لا تعلق له منها بالحكم الشرعي ، ولا بمتعلقه ، بل بالأمور التكوينية ، كسببية النار للإحراق ، حيث لا إشكال في عدم تبعيتها للجعل والتشريع ، بل هي منتزعة من خصوصيات تكوينية ، على ما يتضح بملاحظة ما تقدم في حقيقة الأمر الانتزاعي.
وإنما الكلام فيما له نحو تعلق بالحكم ، حيث يكون تابعا للجعل في الجملة ، وهو يلحظ :
تارة : بالإضافة إلى نفس الحكم التكليفي أو الوضعي ، كسببية الاستطاعة لوجوب الحج والغسل للطهارة والعقد لمضمونه وشرطية البلوغ للتكليف ونفوذ العقد ، ومانعية الحيض من وجوب الصلاة والإكراه من نفوذ العقد ، ورافعية الضرر للتكليف والطلاق للزوجية.
__________________
(١) الوسائل ج : ١٨ باب : ١١ من أبواب صفات القاضي حديث : ٩.