المقام الأول : في الشبهة المفهومية
والمعيار فيها اشتباه المراد بالخاص. وهي تكون تارة : للتردد بين الأقل والأكثر ، حيث يختص الاشتباه بالزائد ، كما لو تردد الفاسق بين مطلق العاصي وخصوص مرتكب الكبيرة.
وأخرى : للتردد بين المتباينين ، إما مع وجود قدر متيقن يكون الخاص حجة فيه قطعا ، كما لو تردد بين مفهومين بينهما عموم من وجه ، نظير تردد الشريف بين الفاطمي ، وذي الشرف الاجتماعي ، أو بدونه ، كما لو تردد زيد بين رجلين.
أما في الصورة الأولى فالظاهر ـ كما صرح به جماعة ـ هو حجية العام في مورد الإجمال. لما تقدم من أن سقوط العام عن الحجية في مورد الخاص المنفصل إنما هو لمزاحمة ظهوره فيه بما هو أقوى منه وما يكون عرفا من سنخ الرافع لمقتضى حجيته. وهو لا يتم بالإضافة إلى مورد إجمال الخاص ، لعدم حجية الخاص فيه لينهض بمزاحمة العام ، فهو كسائر موارد الشك في التخصيص الزائد الذي تقدم في الفصل السابق حجية العام المخصص فيها. ومجرد احتمال شمول الخاص المعلوم له لا يصلح فارقا بعد عدم حجيته فيه.
وأما في الصورة الثانية فالظاهر سقوط العام عن الحجية في كل من طرفي الترديد بخصوصيته ، للعلم الإجمالي بإرادة أحدهما من الخاص ، فيكون الخاص حجة فيهما إجمالا ، بنحو يمنع عن جريان أصالة العموم كذلك بعد عدم المرجح لأحدهما. كما يكون العام حجة أيضا في أحدهما إجمالا ، إذ لا ملزم بخروجهما معا عن حكم العام بعد قصور الخاص عن ذلك.