وشاء الله سبحانه وتعالى بفضله ولطفه أن يوفقنا بعد جهود مضنية لإنجاز كتابنا (المحكم) الذي هو حصيلة تدريس دورة أصولية كاملة موسعة لنخبة من أهل الفضل ، والذي بحثنا فيه بتفصيل أحدث النظريات في علم الأصول في أوج تكامله وتطوره ونضوجه.
وكان لذلك أعظم الأثر في فاعلية فكرة تأليف الكتاب المطلوب ، حيث يتيسر لنا بعد تأليف (المحكم) أن نلتقط منه ما يتناسب وحاجة الطالب في مرحلة السطوح العالية ، ونعرضه عرضا يصلح للتدريس بحسب قناعتنا التي نتمنى أن نوفق فيها. غير أنه قد حالت ظروف عسيرة دون تحقيق هذه الأمنية ، فبقينا نتوقع انفراج الأزمة وتيسر الشروع في تحقيق ذلك الأمل.
وسارعنا في أول فرصة لإنجاز مشروعنا مستغلين فراغا مفروضا علينا ، حتى إذا أنجزنا ما يقارب ربع الكتاب عادت الأمور إلى مجاريها الطبيعية ، ورجعت إلينا مشاغلنا العلمية والدينية والاجتماعية ، بل زادت بصورة ضاغطة منعتنا من الإسراع في إنجاز الكتاب. وبقي العمل فيه بطيئا حتى تيسر لنا إكماله قبل أيام قليلة بعون الله تعالى وتوفيقه وحسن صنيعه.
وقد جاء هذا الكتاب منتخبا من (المحكم) في مباحثه لا يخرج عنه إلا في القليل النادر ، بل كثيرا ما لا يخرج عن تعبيره وبيانه. وقد زاد على كتاب رسائل الشيخ الأنصاري قدسسره بما يقرب من الثلث ، كما زاد عليه ببحث ما لم يتضمنه ، وهو القسم الأول من الأصول في مباحث الظهورات اللفظية والملازمات العقلية. وقد استوعب دورة أصولية كاملة متناسقة في التبويب والعرض والتعبير.
وقد حاولنا فيه تهذيب الأصول من النظريات القديمة والمباحث غير المجدية ، أو التخفيف في بحثها بما يتناسب وأهميتها ، والتركيز على المطالب