(قالَ هذا صِراطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ (٤١) إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ) (٤٢)
(إِنَّ عِبادِي) فأضافهم إليه ، وعبيد الله عبدان : عبد ليس للشيطان عليه سلطان ، وهو عبد الاختصاص ، وهو الذي لا ينطق إلا بالله ، ولا يسمع إلا بالله ، فالحجة لله لا له ، (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ) فإنها حجة الله ومن عبيد الاختصاص من ينطق عن الله ويسمع من الله ، فهذا أيضا من أهل الحجة البالغة ، لأنه لا ينطق عن الهوى (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) والعبد الثاني ، عبد العموم ، وهو الذي قال عنهم لرسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) فأضافهم إليه (لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) أي قوة وقهر وحجة ، لأن الله تولى حفظهم وتعليمهم بما جعل فيهم من التقوى ، وما تجد في القرآن عبادا مضافين إليه سبحانه إلا السعداء خاصة ، وجاء اللفظ في غيرهم بالعباد ، فكل عبد توجه لأحد عليه حق من المخلوقين فقد نقص من عبوديته لله بقدر ذلك الحق ، فإن ذلك المخلوق يطلبه بحقه وله عليه سلطان به ، فلا يكون عبدا محضا خالصا لله ، فالمضاف إليه سبحانه من عباده الذين هم عباده ، وهم الذين لا سلطان لمخلوق عليهم في الآخرة ، وهم المعصومون المحفوظون القائمون بحدود سيدهم الواقفون عند مراسمه ، وقطع الله بهذه الآية يأس إبليس من عباد الله المخلصين أن يكون له عليهم سلطان وحكم فيهم ، فهم المعصومون والمحفوظون في الباطن وفي الظاهر من الوقوع عن قصد انتهاك حرمة الله ، فخواطر المعصومين والمحفوظين كلها ما بين ربانية أو ملكية أو نفسية ، وعلامة ذلك عند المعصوم أنه لا يجد ترددا في أداء الواجب بين فعله وتركه ، ويجد التردد بين المندوب والمكروه ، ولا في ترك واجب تركه ، لا يجد فيه التردد ، لأن التردد في مثل هذين هو من خواطر الشيطان ، فمن وجد في نفسه هذه العلامة علم أنه معصوم.
(وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ) (٤٤)