(وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي رُءْيايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) (٤٣)
حضرة الخيال في النوم ، وهو الرؤيا كالجسر بين الشطين للعبور عليه من هذا الشط إلى هذا الشط ، فجعل النوم معبرا ، وجعل المشي عليه عبورا ، وما سمي الإخبار عن الأمور عبارة ولا التعبير عن الرؤيا تعبيرا إلا لكون المخبر يعبر بما يتكلم به ، أي يجوز بما يتكلم به من حضرة نفسه إلى نفس السامع ، فهو ينقله من خيال إلى خيال ، لأن السامع يتخيله على قدر فهمه ، فقد يطابق الخيال الخيال ، خيال السامع مع خيال المتكلم وقد لا يطابق ، فإذا طابق سمي فهما ، وإن لم يطابقه كان لفظا لا عبارة ، لأنه ما عبر به عن محله إلى محل السامع ، غير أن التعبير عن غير الرؤيا رباعي ، والتعبير عن الرؤيا ثلاثي ، ففي الأول عبّر بالتشديد ، وفي الثاني عبر بالتخفيف ، ولما كان عالم الخيال ليس مطلوبا لنفسه ، وإنما هو مطلوب لما نصب له لهذا سمي تأويل الرؤيا عبارة ، لأن المفسر يعبر منها إلى ما جاءت له ، كما عبر النبي صلىاللهعليهوسلم من القيد إلى الثبات في الدين ، ومن اللبن إلى العلم.
(قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ وَما نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الْأَحْلامِ بِعالِمِينَ) (٤٤)
الرؤيا الصادقة ما هي بأضغاث أحلام ، وهي جزء من أجزاء النبوة ، أما قولهم (أَضْغاثُ أَحْلامٍ) أي لا حقيقة لها.
(وَقالَ الَّذِي نَجا مِنْهُما وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (٤٦) قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً فَما حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تَأْكُلُونَ